كنت اغط في نوم عميق رايت فيه امور لم اتوقع يوما ان اراها’ لقد رايت كل ما تشتهى الانفس.
رايتني اصعد في موكب مهيب اسمع اصوات رخيمه صدحت بترانيم لم افهمها وان كانت
غاصت في اعماق اعماقي حتى سلبت لبي. الوان براقه لما اشاهد مثلها ويبدو ان عقلي لم
يميزها رغم بهائها ورونقها’
اصوات لايناث تنادينى صوتها ليس بالغناء ولا الحديث الاعتيادي بل اسمعهن
يهمسن اسمي فترتعد اوصالي يا ربي لم اسمع هذه الاصوات في الدنيا ولم ارى هذه الالوان ولم
افهم تلك الترانيم الرخيمه الناعمه التي كلما تصدح يهفوا قلبي وينتفض لجمال صدحها ’انه والله
ليس حلم انها رؤيه فقد احسست جسدى كجسد الطير ضل محلقا حتى وصلت مكانا فيه ملايين من البشر
يصلون ويهللون الله اكبر يلبسون الابيض يتعممون بالاخضر وايديهم ضارعه للسماء ترتعش من شدة
الخشوع والدعاء تركتهم و عدت احلق من جديد لاهبط
فوق اسوار القدس رايت بشرا ليس بالبشر يؤذنون
ويستعدون للصلاه كانوا فوق الاسوار يئدون صلاتهم كما الطير على الشجر طلب مني احدهم ان
اؤؤمهم واصلي فيهم وافقت وانا ارتعد من هول الامر.صحوت من
حلمى هذا وما كنت اتمنى ان اصحو توضئت وصليت الفجر وعدت اقرء القران حتى بزغت الشمس صليت
صلاة الضحى وذهبت للاخ مسؤل التنظيم في المخيم ((ابى عباده))والذي بدوره بادرني بالايتسامه الودوده التي
عهدتها منه .دخلت بيته جلست انتظره حتى عاد ومعه واجب الضيافه قصصت عليه الرؤيه فادمعت
عيناه وقال الى اين الرحيل يا صاحبي الى اين الرحيل اللهم امتنا ميتة الشهداء قالها وقد
تبللت لحيته بالدموع وبدى عليه التاثر الشديد ’قال لي لقد كشف الله بصرك وهو الان حديد ’
وانا اقلك يا اخي اليوم تحدد ميعاد التنفيذ ويجب ان تكون مستعدا’طلب منى ان انتظر دقائق
حنى ياتي مسؤول التسليح في التنظيم لاحدد حاجتي من العتاد الذي سيرافقني اثناء تنفيذي
مهمتي’ لم يمضي
طويلا حتى جاء شاب مقنع وجلس معنا وعرض انواع العتاد الذي يملكه التنظيم فطلبت منه بندقيه
اليه من صنع روسي وست مخازن رصاص وايضا ست قنابل يدويه وسكين حربه
((سونكى)) فاستغرب طلب
السكين هو و((ابى عباده ))قلت لهم لربما احتجته وطلبته من النوع القصير الذي ممكن ان يخبئ
في ثيابي حتى لا يراه حتى القريب مني فوافق وخرج بعد الاستئذان.قال لي(( ابى عباده))ان
العمليه ستكون بعد مغرب الغد ستزحف لتصل الاليه وترافقها متسللا خلفها للمغتصبه فطلبت منه
ان نقدم الميعاد بساعه ليكون جسدي قد اخذ قسطا من الراحه وبالتالي اؤدي مهمتى بلياقه كامله
اومئ براسه موافقا .
واستئذته بالخروج’ رغم حلمي بلحظة التنفيذ وفرحتي باقترابها الا ان هناك مهمه اصعب واشد
وقعا على قلبي ’
الا وهي اخبار امى بالامر وطلب اذنها ورضاها انه امر صعب فهذه الام الرؤم الحنون سيكون
اقناعها التنازل عني شبه مستحيلا.
عدت للبيت وقررت الاعتكاف هذا اليوم والعوده بعد بزوغ شمس غدا لاقضي اخر يوم لي باذن الله في
كنف اسرتى وعائلتى وبالفعل كانت ليله ايمانيه مهيبه صلينا القيام انا ومجموعه كبيره من
الشباب تبادلنا الامامه في الركعات بكينا خشوعا وانتحبنا تضرعا لله عز وجل. عدت ثاني يوم
وقد اتصلت بوالدي ان لايذهب للعمل وبمجرد سماعه طلبي هذا اجهش بالبكاء قلت له والدموع
تخنقني ارجوك يا ابي نريد اليوم استئذان امي ساعدنى يا ابي سكت لحظه وقال والله لا اعرف كيف
سنصارحها يا بني انا احتاج من يصبرني ان قلبي وصدري اطبقوا علي وقفل الهاتف .
دخلت المنزل كانت امي الغاليه في المطبخ تطهو لاخوتي طعام الافطار وكان ابي جالسا في ردهة
البيت مع اخوتي رمقته بنظره فهم مغزاها طلبت من امي ان تاتى لغرفتى لانى اريد منها امر ما
قالت دعنا نتناول الافطار وبعدها نتحدث وافقت
وان كنت اخاف ان تلاحظ شروود والدى وبقايا دموعه و لكني اثرت اطاعتها.بدئنا نتناول الطعام
وكما توقعت اكثرت امي في سؤال والدى ما بال عيونك هل انت مريض ولماذا هذا السكوت
اسئلتها كانت كثيره وابي لا يجيب ويجاهد نفسه ان لايبكي.
دخلت انا وامى الحجره واجلستها بجانبي وقلت لها امي اريد ان اتزوج فرحت وتهلل وجهها
وقالت لي انه يوم تتمناه كمنيتها زيارة بيت الله الحرام وقبر الرسول صلوات الله عليه والصلاة في
المسجد الاقصى المبارك واخدت تقبلني وسئلتني هل عندك عروس ام تريدني ان ابحث انا لك قالتها
وهي تبتسم ببرائة الام التى وان كانت تخير ولدها بين اختياره اواختيارها الا انها تريد زوجه
من اختيارها بالطبع وهذا حال كل امهاتنا .اجبتها بل اخترتها يا امي قالت ابنت من هي
هل هي جميله متعلمه انعرفها وامطرتني بوابل من الاسئله فقلت لها يا امي انها ليست عروس
واحده بل هن سبعين لم يطمثهن يا امي لا انس ولا جان انهن قاصرات الطرف حور العين واعرف انك
تدركين من هن حور العين.صمتت للحظه .
بدى عليها كمن طلع جبلا عاليا شاهق ويهم بالنزول في منحدر شديد. اغروقت عيناها
بالدموع حاولت ان تنطق فوضعت يدي على فمها وقلت لها بالله عليك لا تحرميني يا امي من الجنه
اني اتوق لها والله لو علمت ان سيكون في رحيلك عنا مستقرا فيها ما وقفت لحظه امامك او اعترضت
وانتي التي تعلمين مدى تعلقي بك مذ كنت طفلا وتعلمين ان لا حياه لي بدونك ونزلت على قدمها
وضللت اقبلها حتى انهارت على الارض تقبل راسي وتنتحب وانا في حضنها قالت لي غلبتنى والله لن
ابخل بك على الله يا ولدى ’والله لن ابخل وان كان الثمن غالي فهو من اجله رخيص’ انت و روحى وما املك ثمن بخث لمرضاته وعفوه قبلتنى وقد بلل دمعها وجنتاى
كان يا ربي و كانه نهر رقراق من انهار الجنه دافئا معطرا يفوح برائحة هذه الام التي عند
رضاء ربها قبلت ان تقدم اغلى القرابين وهل بعد فلذات الكبد شيء تجود به الام انها والله ليست كباقي النساء انها ام الشهيد’ رغم نحيبها ودموعها التي نزلت مدرارا لم يسكت لسانها عن
الاحتساب والحمد.سئلتني وهي في اوج بكائها هل هذا سبب شرود وحزن والدك فاجبتها بصوت خافت نعم يا امي انه يعلم’
حملتها واجلستها على سريري كانت تتحسس وجهي وتجاهد نفسها ان توقف دموعها عبثا .اخدت اقبل
يدها واهدئ من روعها قلت لها اليوم ساظل في حضنك حتى قبل المغرب بساعه اريد ان اضل في
حضنك وان اراك امي التى تمنيت ان اراها في تلك المواقف صابره محتسبه اريد ان اوصيك بابي
خيرا واخوتي اريد ان اسمع وانا في كفني زغاريدك’
اريد ان اسمع رضاك عني اصرخي به اجعلي صوتك يعلو فوق كل صوت حتى اسمعه وانا
ازف لقبري.دخل والدي الحجره وشاركنا البكاء واخد يهدئ امي ويتلوا عليها ما تيسر من ايات
عن الشهيد وعن كراماته وشفاعته لاهله يصبرها ويصبر نفسه حتى جاء الموعد ودق بابنا ثلاثه رجال
مسؤل الامن ومعه اثنان من الشباب خرجت لهم اخذت منهم العتاد والملابس وهي ملابس جندى صهيونى
كي استطيع الحركه في المغتصبه دون ان يلحظونى خرجت من الحجره وانا البس الزي واحمل
بندقيتي وعتادي وهممت بالخروج بعد ان ودعت والدي ووالدتى واختي الكبيره التي بدورها اغمى
عليها من هول الخبر قبلت اخوتي الصغار وقد عقدت السنتهم الدهشه فهم لايعلمون سر كل هذا
البكاء ولاهوية هؤلاءالرجال الغرباء الذين يقفون بصمت ودون تدخل في هذا المهرجان الصاخب
بالبكاء فعقلهم الطفولي لم يستوعب الامر كما يبدو’ اقتربت من اخي الصغير والذي تعود ان اعطيه
ما تيسر من ما تبقى من مصروفي قبلته وفتحت كف يده ووضعت كل المال الذي تبقى من مصروف هذا
الشهر ففرح وقبلني وقال لي ساقتسمه مع اختي الاكبر منى قالها ببرائة وكرم الاطفال .
توجهت برفقة الاخوه للباب وانا ارمق بنظري كل حنايا بيتى كل ركن منه لي فيه ذكرى’
فوجئت بامي تعدو بسرعه فائقه نحوي خفت ان تقع او تتاذى استقبلتها في حضني قبلتها وحلفتها
ان تهون الامر علي ففاجئتني بقولها احتسبتك عند من لا تضيع ودائعه’ اريدك ان تقتلهم
وتؤلمهم كما يؤلمونا وييتموا اطفالنا ويرملوا نسائنا .اقتلهم يا ولدى ابكيهم كما ابكونا لا
تنسى يا ولدى انهم حرموني من اخي انتقم لي منهم عد لي شهيدا ودفعتني نحو الباب وانا وابي ومن
معنا من الاخوه في غاية الاستغراب قالت هذا الحديث بحزم وقد وضعت يدها على خاصرتها وعلت
قسمات وجهها الصرامه وكانها قائد ذو بئس يامر جنوده وينفخ فيهم روح القتال هيا اذهب ارني
فيهم بائسك.
وصلت المكان انا ومن معي وسمعت اطلاق للقذائف من مناطق مختلفه على المغتصبه فهمت انها من
ضمن خطة التضليل للعدو قال لي مسؤول الامن استحلفك بالله عندما تتم ما ذهبت من اجله لواستطعت
العوده فلا تتردد وقال لي سيحاسبك الله لو توفرت لك اسباب العوده وابيت ’واعلم يا اخى لو
نفذت الان العمليه وعدت لنا سالما لا تخف اعدك ان تذهب مره ثانيه وثالثه الا ان تحظى بما تصبو اليه’ ولكن تذكر يا اخى ان بدنك
وروحك لله كن حريصا عليهما حرصك على الشهاده في سبيله.
واعلم ان الموت ليس الهدف ولا الغايه انما نحن نجعل من موتنا فصلا من اجمل فصول الحياه لاننا كحب
السنابل اذ تموت منه سنبله يولد في رحم الارض مكانها الاف السنابل واعلم ان نيتنا ان نقارعهم
ونؤلمهم كما اوصانا الله ورسوله وان لانجعل لهم مكان امن بيننا وان نجبرهم على ترك بلادنا
والرحيل من حيث جائوا تصحبهم لعنة الله والناس اجمعين.
ان متنا يااخى فلنا باذن الله ميتة الشهداء واجر العاملين وان عدنا فلنا عوده نذيقهم ويلات بائسنا نؤلمهم
ونفهمهم ان هذا الثرى لفظهم وان رحيلهم ان لم يكن طوعيا فليروا بئسنا وليهربوا مكرهين
كالجرذان وهذا حالهم فقد صدق فيهم قول الله انهم احفاد القردة والخنازير .
قرات ما تيسرمن القران الكريم ونزلت من المركبه التى اقلتنى لاقرب مكان بدئت ازحف حتى
وصلت الاليه التى كانت تطلق رصاص عشوائي كل فينه واخرى.
انتظرت برهه من الزمن حتى تحركت واستدارت وهمت بالعوده مطلقه خلفها غبار شديد بفعل نعومة
الرمال التى تسير عليه ’كنت اركض خلفها ملتصقا فيها قد رايت وسط هذا الغبار الخانق
الاليه الجديده تتجه لتاخد مكانها توقفت الاليه لحظات يبدوا انهم يفتحوا لها ابواب المغتصبه
اتبعتها بصمت اعدو كالفهد من غير صوت ضلت الاليه تمشي لثلاث دقائق اخرى وجدت حينها نفسي
وسط المغتصبه قلت مستبشرا اخيرا يا ربي تم تنفيذ المرحله الثانيه والحاسمه. كنت حينها اعرف
ان معي دقائق معدوده قبل اكتشاف امري فان ارتداء زيهم العسكري لن ينطلي عليهم كثيرا وخاصه
ان سلاحى الروسي لا يستخدمه جنودهم في الغالب’ وفي اقل من دقيقه اخذت اتجول بنظري باحثا عن
اي هدف وقد انزلت امان البندقيه استعدادا لمهاجمة اي مجموعه منهم حينها رايت ثلاث مستوطنين
يمازحون جنودا مسلحين فيهم بنت ورجلان اضافه للثلاث جنود كانت المسافه بينى وبينهم اربعين
مترا ذهبت اليهم مشيا انتظر ان يعرفونى كي ابدء بمهاجمتهم وكان سبحان الله ما تمنيته هدفا سهلا ويبدوا
ان محادثتهم انستهم ما حولهم فلقد وصلتهم تقريبا وهم يضحكون ويصخبون ولم يشعروا بوجودى حتى اصبحت
المسافه بيننا تقل عن ثلاث امتار حينها باغتهم يقنبله دحرجتها من غير ان اثير ضجه وقبل ان
تنفجر بدئت باطلاق النار عليهم بكثافه واصرخ مكبرا الله اكبر يا اللهى ما اجمل هذا الشعور
انا الان اقتلهم اسمع صرخاتهم الجبانه وتوسلاتهم’
الان تتلطخ ملابسي بدمائهم النجسه بعد ان تاكدت انى امطرتهم جميعا برصاصي تركت وسطهم قنبله
كى اتاكد من موتهم وذهبت اركض لمجموعه اخرى وبرغم ان هذه المجموعه بعيده نسبيا عن المجموعه
الاولى الا انى فوجئت رغم انهم مدججين بالسلاح يركضون ويصرخون صراخ الجبناء فهذا اشتباك
العين بالعين من غير الياتهم وابراجهم التى يحتمون بها وظهر فيهم قول الله تعالى لتجدنهم
احرص الناس على حياة’ والله انى رايت منهم من اوقع زملائه ليلوذ بالاختباء باجسادهم’ هذارغم
انهم مسلحين كما اسلفت’ وعلى حين غره وانا في قمة نشوة الانتصار وقبيل ان اسمع اي شيء غير رصاصاتى
التى امطرتهم بها شعرت لوهله ان هناك شيء اخترقنى يا ربي رائحة البارود هذه من بندقيتى ام
بفعل رصاصهم لا اعلم صرت اجاهد نفسي على ان لااقع قلت يا ربي اكتبها لي مقبلا ليس مدبرا
احسست بالام في رقبتى وصدري انكفيت على الارض اتنفس بصعوبه و رغم
الالم المبرح الذي استشعرته مع سماع كل دفعه من رصاصاتهم الا انى ما زلت اتنفس ما زلت حيا
وعقلي يريد المزيد فانا لم اكتفي بعد’ جائتنى ماكنه على شكل اليه صغيره اطلقت علي
النار وصار الالم حينها يتعاظم ويصبح اشد والنفس يضيق احسست بوهن شديد ورغبه في الصراخ
والحركه او الانتفاض لكنى لم اقوى على ذلك.
سمعتهم يتحدثون ويبدوا انهم ابعدوا البندقيه ومخازن الرصاص التى تبقت معي والقنابل عني’
نذكرت فجئه الشهيد الذي كنت قد اوصلته في الاسعاف وعن تعذيبهم الوحشي له .ضللت بلا حراك حتى
تجرء احدهم واقترب منى محاولا تحريكى وانا في وضعية الانكفاء مطبقا على الارض حينها تحاملت
على كل الجراح والالم نهضت و كان جبالا قد دفنت تحتها كان جسدى ثقيلا جدا قلت يا رب
لا تتركنتي حيا بين ايديهم تمنيتها وانا استل السكين واستدير مباغتا هذا الجندي وطعنته
في عينه غرست سكيني كامله كنت اغرسها كانى اغرس شجره طيبه كنت راضيا مرضيا
قانعا كنت فرحا بما استطعت فعله.
رددت بصوت علا على صوت رصاصهم سلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا اشهد
ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. خيل لي انى رايت امي وابي واخوتي مروا من امامي
كانهم ينظروني وبلقون علي تحية الوداع بابتسامه علت مأقيهم مزهوييين فرحين بما اتت يداي .وعاد
ليعلو من جديد صوت رصاصهم غادرت جسدي وقد حفرت على ثغري ابتسامه كانت اخر عهدي بالحياه
وصمت بعدها كل شيء.
عدل سابقا من قبل admin في الثلاثاء يناير 01, 2013 3:18 pm عدل 1 مرات