صبيحة اليوم الثانى لهذه العمليه((التى ذكرت في اخر الجزء الثاني))
وبعد اعلان الصهاينه عن قتل سته من جنودهم ومستوطنيهم ونجاح احد المجاهدين بالعوده
واستشهاد الاثنين الاخرين.
ضج المخيم واصبح ساحة افراح حلوى توزع ومشروبات من الفصيل الذي تبنى العمليه تحول بعدها
بساعات لغارات وقصف على اطراف المخيم ترافق مع توغل لبعض الاليات من احد الجهات التى تطل
بها المغتصبه على مخيمناو جرفت ما تبقى من بعض البيوت التى هجرها سكانها نتيجة لافترائات
المغتصبون الذين يقطنون المستوطنه.
كان يوما مشهودا والجميع ينتظر تسليم جثامين الشهداء لتنطلق فاعليات مواراتهم الثرى وزفهم
في حله يتمناها كل شباب الوطن حلة العريس . العريس المظفر الذي قدم اغلى ما يملك لعروسه’
العمر ثمن رخيص لرفعة الدين ولتحرير هذا الثرى الغالي والمقدس.
وصلت صبيحة اليوم الثالث جثامين الشهيدين وطلب مني مرافقة الاسعاف من المشفى القريب حتى
المخيم, دفعنى فضولي لان اكشف عن وجوههم انا اعرف ان الصهاينه يمارسون التنكيل بالجثث بهدف
ان يكونوا عبره لغيرهم.توجست خيفه في البدايه لكنى عزمت واشحت عن وجه الاقرب منهم لي في
الاسعاف يا الله يالهول ما رايت يا اللهي انا لا اصدق رغم الجروح الغائره بالوجه والرقيه
والصدر واغلب الظن انهم اعتقلوه حيا ومارسوا معه اشرس وسائل التعذيب والانتقام والتنكيل
قبل اعدامه لان تلك الجروح والاصبات الغائره لايمكن ان تكون من رصاص بل بالات حاده, ومع كل
هذا الا ان العيون مبتسمه وثغر الفاه باسم والعيون مهدله صافيه وان هرب بريقهالمعت فيها
شمس الايمان يا ربي لوحه فنيه اقسم لكم لا يقوى على رسمها امهر من مسك ريشة الفنان ,يا الله
كم رائحتهم طيبه كانها المسك والعنبر.
اغروقت عيناي بالدموع دون وعي منى لدرجة تبلل اللثام الذي يغطى وجهي وظن
المسعف الذي كان يجلس بجواري اني حزين لانى اعرف احدا منهم او ان احدهم من اقربائي ’
سئلنى بحنو هل انت بخير اجبته انا بخير وان لا يقلق وقلت له السبب , ابتسم وقال لا تستغرب
فانا نقلت منهم الكثير وبدء يسرد لي كرامات لاحظها على كثير منهم وبدوره اغرقت عيناه
بالدموع.
وصلنا بيوتهم والجماهير الغفيره استفبلتنا بالتكبير والتهليل انزلنا الاول وتوجهنا لبيت
الشهيد الثاني ونفس المشهد تكبير وتهليل وزغاريد ملئت الاركان.
رجعت بيتى وقد ايقنت ان هذا الامر وضع قدمى على طريق لن اقبل الاان تطئه قدماي
حتى نهايته.
ذهبت بعد ايام لنفس الشاب الذي يعرف عنه انه يحتل مكانه مميزه((ابى عباده)) في المنظمه التى اجاهد
وارابط من خلالهاو هو نفس الشاب الذي قابلته اول مره انا وصديقي محمد ولن تصدقوا عندما
طرقت الباب وخرج ابتسم بشكل اثارنى .اذن لي بالدخول وجائنى بضيافه مرحبا بي.سئلته انا
رايت في عينك ابتسامه عندما شاهدتنى ولم تستغرب مجيئي الذي من المفروض ان استئذن قائدى
ويبلغك وتوافق على مقابلتى فهذه اجرائات معهوده ولا يسمح باغفالها منعا لخلط الحابل
بالنابل وضرب كل اعراف التنظيم بعرض الحائط’قلت له كنت محرجا ان تقابلنى باذدراء او
تعنفني لانى جئتك بمفردى من غير طلب .
اجابنى بهدوء انه يعلم من يوم اختارنى للمشاركه في العمليه انه سيرانى قريبا’قلت له اذن
انت تعرف هدفي ومطلبي.اجابنى بكل ثقه وهدوء نعم اعرف انك تشتاق لرؤيةربك وتطلع للقائه
قريبا ووضع كفيه على كتفي وقال وعينه ترمقنى بنظره ثاقبه شعرتها سبرت غوري قالها بصوت
هادئ واثق ان الله يشتاق لك ايضا ’من قوة رصانته وصوته الهادئ شخصت عيناي شخوص العين
القائمه التى تنظر الاشياء ولا تراها بدوت كانى في عالم اخر فقدت لوهله الزمان
والمكان.اوقظنى من الحلم الذي اخذنى بعيدا ,حلمي ان اطئ المكان الذي لا عين رات ولا اذن
سمعت .
قال لي تمهل فالطريق طويل كلمته هذه افاقتنى من هذا الحلم الرائع حلم لقاء
الرحيل الى واحة المنتهى’سئلته بشغف كيف وما الذي يمنع .فجاء رده كالعاده ثابتاعميقا
يجب ان تعتكف 40 يوما وبعدها نرى الاجرات المتبقيه’ وستذهب غدا لاحد المساجد تصلي فيه الخمس
صلوات و تنظفه وتقوم على رعايته وستؤم الناس احيانا في الصلاه فكن متحصنا بما تيسر من
القران و ستقوم الليل في الاربعين يوما كامله’
بعدها تعال لنتمم الامور المتعلقه بموافقتنا على ما تصبوا اليه.استئذنت اهلي وكان من حسن
حظى كليتي التى ادرس بهاو نتيجة القصف المتكرر عليها قد اجلت فصل لحين الانتهاء من اعادة
تعمير تلك المنشئات المتضرره.استئذنت والدى وذهبت وهناك الحقيقه لم اصدق هذه الاجواء
الايمانيه التى احسست بها كاننا في الجنه وان كانت الجنه دار اجر الا ان هذه الاجواء
تشعرك بتناسق روحك مع من سكنها قبلك من الراحلين الاتقياء كانها تبشرك بانك اصبحت منهم من
الذين ستجاورهم هناك,
كنا نقوم الليل نبكى خشوعا ننتحب تضرعا لله كنا نسعدونفرح حين نستقبل المصلين في كل صلاه
كانهم زوارنا في بيوتنا ونحن ابناء الطائي تخيلوا فرح الطائي بضيوفه ورغبته في اكرامهم والله
كنا نشعر بالسعاده اكثر منه’ كانت الامامه لي اول مره لوهله شعرت بان صوتي سيخوننى واحسست
بدوار وتعرق بسيط من هول خوضي هذا الشرف لاول مره وان تغير بعد لحظات الحال وصار صوتى
صافيا ناعما هادئاو لاقى والحمد لله استحسان المصلين لدرجةان القائمين على المسجد طلب منى
خطبة يوم الجمعه المقبله في ذاك الزمان.
ومن فضل الله وتوفيقه لاقت خطبتى التى كانت تتحدث عن الاستشهاد وعن درجات الشهيد استحسان
المصلين كنت اخطب بحماسه وبصوت على جهوريته لايخلوا من خشوع واتمنى في كل فقره من الخطبه
ان اصل لدرجة الشهيد فبكت عيونى وابكيت بعض الشباب معي من الايات والاحاديث التى استدللت
بها ’ ومن شدة خشوعي في صوتى الذي لا اعرف لما احسسته خارجا من القلب وليس من
لساني وجدت الكلمات تتطوع كانها خادم يفعل كل ما بوسعه ليجعل كلامى متناغما مع المتلقيين
من المصلين كانه معزوفه من اصوات الطبيعه الساحره الخلابه.
انتهت لاربعين يوم عدت مسرعا لالتحق بالكليه التى اذنت للطلاب العوده وتسجيل فصول جديده
انشغلت مع امى المشتاقه واخوتى وابي يومين كاملين لاعود بعدها لهذا الاخ الفاضل الذي وجدته
ايضا ينتظرنى .
وكالعاده علت وجهه تلك الابتسامه الهادئه المريحه’ قال لي تقبل الله منك الطاعات
يا بطل وسئلنى عن شعوري خلال الاربعين يوم وبعد حديث طال مدته لاكثر من ساعه قال لي تبقى
الان امران الامر الاول استئذان والديك فلن يتم اي شيء الا بموافقتهما واستدلل بذلك من
السيره للسلف الصالح قالها وهو يعلم انى ساصدم من هذا الطلب.اجبته والدهشه جعلتنى
اتلعثم وارتبك واضيع الكلمات قلت له اتريدنى ان اقول لامى وابي انى اريد ان اموت هل تعتقد
انهم سيوافقون ضربت كفا بكف وانا اظهر استهجانى الشديد لهذا الامر وهذاالطلب الغريب.
اجابنى بكلمات واثقه ولا اعتقد انها ممكن ان تتغير تحت اي ظرف’قال لي وقد اقترب منى حد
الصاق وجهه بوجهي هدفنا قبل ان تقتل الغزاة اوالمحتلين وتقارعهم ان نوصلك للجنه ولن تصلها
الا ووالداك راضيين عنك هذا امر منتهى لا جدال فيه يوم تقنع والديك تعال لنتمم الامر خد وقتك
ننتظرك حين تعود لي بموافقتهما ووقف ايذانا منه بانتهاء اللقاء.
عدت للبيت وقد اعتصر قلبي بالالم والحزن انا لن اتنازل عن لقاء ربي ويحزننى ان اتسبب في
الم وحزن امى وابي كان خيارا صعبا محيرا كان امرا جلل لم استعد له ولا اعرف كيف ساتدبره
و لا اعلم ما هي الطريقه التى سابدء بها حديث بهذا الحجم والاهميه مع ابي وامى.من شدة
التفكير شعرت بدوار وارهاق عدت للبيت ونمت مباشره بعد صلاة العشاء .
صحوت على صلاة الفجر قمت توضئت وكان ابي وامى يتوضئون استعدادا للصلاه خرجت مع والدى
للمسجد وطلبت منه ان نسهر غدا لان اليوم التالي اجازه له ولي فوافق وفي اليوم الثانى
بالفعل سهرنا حتى نام الجميع وبقيت انا وهو فقط قلت له وقد شعرت ان الارض ضاقت واطبقت علي
ابي اريد ان اقابل ربي نظر لي باستغراب والدهشه تعلو قسماته .اكملت له ابي لو علمت انى
اشتقت للقائه اتحرمنى من هذه الامنيه, هذه الامنيه التى تتوق لها نفسي ’يبدو ان الصدمه قد
اوقفت عقله عن التفكير لارى دمعتان تسللت دافئه شعرت بسخونتها ودفئها وكان يصدر عنهما
بخار حرارتهما مسحتهما من على وجنتيه واحتضنته برفق بدء برتعش من شدة النحيب يبكى كما لم
اراه من قبل.صمت دقائق حتى تمالك نفسه قبل ان يهم بالكلام استوقته قلت له لو طلبت كل ما
املك يا ابى لن ابخل بجسدى وعمري من اجلك فلا تبخل علي بالجنه طئطئ راسه وبدء بالبكاء من
جديد قال لي والدموع تخنقه لك ما تشاء يا بنى انا لن امنعك.
امك راتك في احلامها تزف في عرس اسطوري كانك نزف لاعظم عروس ,كنت اهدئها
واطمئنها وفي قريرة نفسي اعرف انك الان لست من ابناء هذا العالم لقد علمت يا ولدى انك
اثرت الرحيل من يوم خرجت في سبيل الله اربعين يوما. شدة فرحتى بموافقته لم تنسينى طلبي منه
اقناع امى وافق على شريطة ان يكون هذا قبل العمليه المنشوده بمده قصيره كي لا نفجعها.
قبلت قدمه ويده وكنت اتمنى ان اذهب اعدو لبيت هذا القائد اقبل يده واعلن له موافقة ابي.
انتظرت للصباح بفارغ الصبر وذهبت اعدوا كانى لا مشي على الارض كانى احلق وكان لي جناحان
يجعلانى اعدوا في الهواء كالفراش ,
وصلت بيته ومجرد ان فتح الباب عرف من تقاسيم وجهي ان الامر قد قضي ووافق ابي’ جائنى
بالضيافه واصبح ينادينى بالعريس قلت له وانا على عجاله ما الامر الاخير اجابنى بهدوئه
المعهود اسعى انت للعمليه بنفسك اطلق لعقلك العنان في التدبير لهاونحن سنرى ما يوجد
لدينا من خيارات سنعرضها عليك و سنرى ما هو المناسب باذن الله وقال لي اخى ان العبره ليس
بعدد القتلى بالنسبة لنا فمهمتنا ان نوفر لك الظروف والمناخ الذي يؤهلك للنجاح في تنفيذ
ما تصبوا اليه واعطانى الاذن ان اقابل مسؤلي الامن بالحزب لترتيب الامر معهم والخروج برؤيا
يقبلها التنظيم ويقبل تنفيذها .
خرجت من بيته وانا اردد في قريرة نفسي يا رب لا تردنى خائبا. اناجيك ياا الله جل شانك لاتخيب
ظنى اناالان اصبو لان اكون في ضيافتك لا تردنى فانى وعزتك وجلالك اتوق لرؤياك.اريدك يا ربي ان
تقبلنى عندك وان تجاورنى لرسولك ولانبيائك ولخير خلقك في الملاء الاعظم.في فردوسك الاعلى ا
عذر يا رب جرأتى انا شاب طموح اريدان اكون في منزلة اللشهداء.
عدل سابقا من قبل admin في الجمعة ديسمبر 28, 2012 4:16 pm عدل 2 مرات