مولد النور
حدث كان في الزمان فريدا الغيوب انجلت وقامت شهودا
وجلا النور، فالسماوات والأرض سعود مباركات سعودا
- * -
أي سر، هذا الذي بهر الكون جمالا يسبي وحسنا فريدا
أي سر، هذا الذي غير الأرض وأضفى عليها خلقا جديدا
فإذا الكون والعوالم روضات جنات، زكت جنى ووردا
وإذا الصحرا من بداوتها تصحو ويفتر ثغرها توحيدا
وإذا الكعبة الحرام ضياء بدد الشرك والخنى تبديدا
- * -
هو إرهاصة النبوءة غراء تبدت حقائقا ووجودا
هو ميلاد أحسن الخلق : أخلاقا وخلقا ومحتدا وجدودا
أحمد المجتبى الذي بشر الله به الكون، واصطفاه وليدا
- * -
عاشت الصحرا في الجزيرة ظمآى تستميح السحاب طلا زهيدا
وترى الخصب أمنيات منام ولبان الأنعام عيشا رغيدا
وترى ألواد عفة واحتراما وازدلاف الأوثان دينا رشيدا
وترى المجد غارة واستلابا وترى الظلم مكسبا محمودا
هجع العقل للخرافات فيها وتناسى حنيفة وعهودا
واستنام الورى بها لجهالات وظلموا على خناها سجودا
يتلهون بالتماثيل جهلا ويلوذون بالدمى تبليدا
رجعت الأرض بالضلال وناءت والسماء اربدت وغامت وعيدا
واشرأب الأحناف للبيت، يستهدون أقداسه طريقا رشيدا
واستجاروا بربه واستخاروا وترجوا هديا ولطفا حميدا
واستجاب الدعاء وقال لطه كن رحيما بالخلق برا ودودا
فاحتفى العرش بالبشارة واهتز لها الكون والها عربيدا
فإذا الأرض في الجزيرة جنات أحالت أوراها تبريدا
والسراب الكئيب فجر مساء وعيونا تروي الظلماء برودا
والصحاري تنورت فتملت في ازدهار زهورها والورودا
أينع الزهر في رباها وأضحى القيظ ظلا يرف هونا وئيدا
والبراعيم داعبتها النسيمات، وأمسى بها الجنى عربيدا
والدوالي ترنحت فتهادت في انتشاء عصيرها المورودا
والنهير الوسنان دغدغه الطير فألقى على الزمان نشيدا
لففته الأصداء أروع لحن وأسرته للحياة قصيدا
هو قرآن أحمد جل آيا مشروقات ألسنا وجل شهيدا
تتغنى به الدهارير قربانا ويغدو تسبيحها المنشودا
- * -
أي سر هذا الذي غير الأرض واحيا طريفها والتليدا ؟
واستشار الأكوان، فهي تسابيح وإخلاص مفعم توحيدا ؟
- * -
هو والله معجزات أبي القاسم، لاحت إعلامها تمهيدا
ولد النور، فالسماوات آي رجع الكون وحيها تمجيدا
وتعالت أصداؤها كلما حلوا وذكرا معطرا مودودا
وتهادى فيوضها الملأ الأعلى، ركوعا مقدسا وسجودا
- * -
شاق إشعاعه البسيطة، فاختالت بهاء وزغردت تحميدا
وتنادت ملائك الله : يا بشرى البرايا : حلوا من السعد جيدا
- * -
ولد النور، ما أميلح إشراق محياه : نقطة ووليدا
فتوالت خوارق الكون إرهاصا : وعودا طورا وآنا وعيدا
- * -
نار كسرى خبت، وروع أهلوها، وعاني تنورها التبريدا
فإذا المرزبان أسوان يشكو إن رأى ناره تمج الوقودا
أي بأس أصاب أحطابها اليوم، فحارت وما استعرت حديدا
- * -
وبناة الأهرام سيء بهم ذرعا، وحسو أصنامهم لن تجودا
أجهدوا النيل بالقرابين، فأناب مهيضا مستنزفا مجدودا
ورأوا المقوفس المعبد الكابي، وألقى طريقه مسدودا
فتروى وأبعد الزيغ عنه وهدى بكرا للنبي ولودا
- * -
وبنو الروم في مواكب حزن نكس البأس جيشهم والبنودا
يتوارون خائفين حيارى مسخ الأقوياء منهم قرودا
كلما أمعنوا الفرار أعيدوا من بعيد وبددوا تبديدا
- * -
وتنادت يهود يثرب ذعرا : نور – الليل – نجم أحمد بيدا
وأرادوا كيدا بأحمد، لكن كان كيدا في نحرهم مردودا
بئست العترة اليهود، فما تعرف إلا تختلا وكنودا
أمة تحضن الرذيلة طبعا وتحب الإجرام حبا شديدا
وترى الختل فطنة وذكاء وانتقاض العهود صنعا حميدا
ضل من يرتجي صلاح يهود لن تعيش اليهود إلا يهودا
فهم الدهر خسة تعشق الخزي صنيعا، والعار ترجو حصيدا
كبتوا – ويلهم – واجعلوا، وقال الله : لعنا للمارقين مبيدا
- * -
بورك اليتم يتم أحمد أولى سعدها الخصب والنماء المديدا
در ثدي العجفا حليمة، واهتز حليبا وفاض زبدا مهيدا
- * -
كل تلك الخوارق الحق كانت عبرا تؤتى وبعثا جديدا
ذكرت هذه البسيطة إيمانا تواصى بها الأناسي عهودا
قدست مصدرا، وبورك مغزاها، وعزت مقاصدا وبنودا
- * -
حمل الر آدم، وتوخى من ينبه تعهدا وصمودا
مذ هدى الله آدما سره الأسنى، ونادى : إن كن عليه شهيدا
ثم نادى كل البرايا : ألست الرب ؟ قالوا : بلى، شهدنا وحيدا
لم يك السر إلا أحمد لما ذرأ الله كونه والوجودا
جلبت سره الغيوب، وناجته، فألقت به نبيا حميدا
فإذا الكون في الابتهالات يمن يتملاه شاكرا مودودا
ينشر الورد والرياحين بشرى ويناغي التبريك والتحميدا
- * -
وتعالى الدعاء أطيب من نشر الخزامى : هل الوليد سعيدا
لم يكن مولدا لطفل، ولكن كان إشراقه وفجرا جديدا
كان حلم الإنسان أمل تخليصا ورجى مثوبة وخلودا
- * -
كان نورا فأبدعته المقادير نبيا محمدا محمودا
فتنادت ملائك الله : يا أرض هامي فبارك المولودا
من به اليمن طائف، والسعادات تناجي ركابه والبنودا
والذي جاء رحمة لبني الأرض ونورا من الهدى مشهودا
وغدا فرحة لكل البرايا وعلى ألسن التقاة نشيدا
رجع الكون في ابتهال هداه وترضاه دينه المنشودا
- * -
صان ربي تلك التي في حشاها أودع السر سرك المشهودا
وهبت للحياة والدين أسا كان نبراسا للحياة رشيدا
فليهيها ألهمك الحي إنعاما زكيا ومنة وخلودا
وليحطها بفضل طيبك يا أحمد – فضلا، وعفوه الموعودا
- * -
نعمت الدار دارها، وبنو يثرب كانوا الأنصار والتأييدا
قاسموا صحبك الكرام حطام العيش، إذ كانوا في العطاء الجودا
ويودون أنهم قاسموهم طاهرات الأردان حورا غيدا
واستلذوا لعز دينك أهوال المنايا، واستعذبوها حديدا
صاولوا الشرك، إذ قوى الشرك هول واستماتوا وناصروا التوحيد
فأضافوا لتالد المجد مجدا وسموا رفعة وكانوا الصيدا
ولقد أتلوا المحامد قدما ولد كانوا للرسول الجدودا
دار فلك الزمان دورته الكبرى فكننت الزمان عقدا وجيدا
زبدة الطيبين من آلك الصيد، تجسمت مجتبي مسعودا
- * -
وقض ربك المهيمن فاختارك للدين رسولا وللدني تسديدا
وتولاك بالنبوة تزجيك التحابا مجلوة أملودا
وأناخت بساحك الرحب نشوى واستقر النوى بها محمودا
- * -
ومضى ركبك المبارك يختط حياة ومسلكها وحدودا
نبذ الشرك والأنانية الجهلا، والمكرمات عاش رصيدا
وتعاطى لنصرة الحق والعدل يمينا وموثقا وعهودا
فاطمأن الورى لدين ودنيا واستقاموا واستمرأوا التوحيدا
- * -
يا رسول الإله قبلتك الأولى فلسطين تشتكي التهويدا
خزي صهيون نجس القدس منها وأراق الدما وأدمى الصديدا
وأباح الحمى بها واستباح الدين فيها : التثليث والتوحيدا
حرقوا المسجد الحرام، وقد راحوا يدكون صرحه والعهودا
وأرى المسلمين ما انفكوا يشتكون حيارى موزعين جهودا
فرقتهم أهواؤهم، فتناءوا دون وعي مقاصدا وحدودا
يتواصون بالفداء، فيارب تقبل شعارهم والوعودا
- * -
وبنو فتح في أبا يتحدون السعنايا، مستلئمين الصمودا
أقسموا أن يحرروا القدس، أو يمضوا إلى الموت : ثائرا وشهيدا
- * -
وأرى شبل أحمد، بارك الله خطاه، لبى الندا صنديدا
عبأ الجيش، والأساطيل أرسى وتحدى الصهيون والتهويدا
مثل حي سنه "الحسن الثاني" وأحيا به الجدود الصيدا
فليكن ما أتى مثالا ونهجا وليكن مبدأ ورمزا حميدا
واسألن غزة الأبدية والجولان تدرك قراره المحمودا
فلنحي أبطالنا حيثما كانوا : بسيناء أو بسوريا شهودا
- * -
ولتدع "يعرب" الخلافات جنيا ولتوحد صفوفها والجهودا
ولتعبئ شعوبها، فهي والله شعوب تهوي الفدا والصمودا
حرب "أكتوبر" علامة بعث فلتكن يقظة وبعثا جديدا
- * -
يا رسول الإله أنا بأعتابا بك لذنا فاشفع تشفع حميدا
وتدارك حماة دينك يارب وبارك نضالهم تأييدا
وتقبل بجاه (طه) دعانا وتجاوز وحقق المقصودا