على قلوب أقفالها حتى يفتحها الله عز وجل
=============================
سمع غلامٌ شهده عمر رضى الله عنه قوله تعالى :( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [محمد : 24] فقال اغلام : على قلوب أقفالها ، حتى يفتحها الله عز وجل ، فأعجب به عمر رضى الله عنه ، فلما استخلف استعمله . ومن تأمل حال السلف فى كثرة بكائهم عند سماع القرآن تعجب من حالهم سمع زرارة بن أبى أوفى قوله عز وجل :( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ(8)فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ(9)عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر:8-10] فشهق شهقة فمات .
ولما نزل الموت بمحمد بن المنكدر بكى بكاءً شديداً فأحضروا له أبا حازم الزاهد فسأله أبو حازم عن سبب بكائه فقال : سمعت الله عز وجل يقول :( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) [الزمر :47] . فأخاف أن يبدو لى من الله ما لم أكن أحتسب . فأخذ أبو حازم يبكى معه . فقالوا له : أتينا بك من أجل أن تخفف عنه ، فزدت فى بكائه ، فأخبرهم بما قال .
وكان عمر رضى الله عنه يسمع الآية من القرآن فيمكث فى بيته ، ويعوده الناس . وكان الحسن كثير البكاء . فسأل عن كثرة بكائه فقال أخاف أن يطرحنى فى النار ولا يبالى .
وكان يزيد الرقاس يبكى ويقول : يا يزيد من يبكى بعدك لك ، من يترضى ربك عنك .
قال ابن الجوزى رحمه الله : من لم يكن له مثل تقواهم ، لم يعلم ما الذى أبكاهم .
ومن لم يشاهد جمال يوسف عليه السلام ، لم يعلم ما الذى آلم قلب يعقوب عليه السلام .
مَنْ لم يَبِت وَالُحبُّ حَشْوُ فُؤاده لم يَدْرِ كَيْفَ تُفَتَّتُ الأكْبَادُ
قال ابن القيم رحمه الله : لابد من سنة الغفلة ، ورقاد الهوى ، ولكن كن خفيف النوم ،فحراس البلد يصيحون : دنا الصباح .
فالعبد قد يمر بأوقات يزداد فيها إيمانه و يقينه ، ويصفو قلبه من الشواغل والشهوات والشبهات ، ويحصل له حضور قوى عند سماع القرآن ، فيمس القرآن شغاف قلبه ، فإذا به يستحضر الآخرة كأنه يرى ويشاهد ، ويحس بشىء من عظمة الله عز وجل الذى تكلم بهذا الكلام المعجز ، فلا يملك نفسه عن البكاء ، وهذة الحال الإيمانية تكرر عند الصالحين ، فكأنهم فى حضور دائم ، وخشوع كامل ، وقد تعرض للمخلطين من أمثالنا الذين خلطوا عملاً صالحاً مع آخر سَيّئاً ، وعسى الله أن يتوب عليهم فى نادر من أحوالهم ، فكان أقفال الغفلة على قلوبنا ، فإذا فتح الله عز وجل هذة الأقفال استشعرنا حلاوة الإيمان ، وعظمة القرآن .
فكأن قفل الغفلة هو الذى عناه الغلام الذى أعجب عمر رضى الله عنه هو المراد فى قوله :( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [محمد : 24]
قيل لعامر بن عبد قيس : أما تسهو فى صلاتك ؟ فقال : أى حديث أحبُّ إلىَّ من القرآن ، هيهات مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس .
وكان على بن الحسين بي زين العابدين إذا توضأ اصفر لونه . فقيل له : ما هذا الذى يعتريك عند الوضوء ؟ قال : أتدرون بين يدى مَنْ أُريدُ أن أقوم .
وكان مسلم بن يسار أذا وقف فى الصلاة كأنه عودٌ من الخشوع تقف عليه الطير لا تحسبه إلا جذع شجرة ، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ، وفزع لها أهل السوق وما التفت .
سلام الله على تلك الأرواح ، ورحمة الله على هذة الأشباح ، لم يتبق منهم إلا أخبار و آثار .
حسبك أن قوماً تحيا بذكرهم النفوس ، وأن قوما أحياء تقسو برؤيتهم القلوب .
=============================
سمع غلامٌ شهده عمر رضى الله عنه قوله تعالى :( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [محمد : 24] فقال اغلام : على قلوب أقفالها ، حتى يفتحها الله عز وجل ، فأعجب به عمر رضى الله عنه ، فلما استخلف استعمله . ومن تأمل حال السلف فى كثرة بكائهم عند سماع القرآن تعجب من حالهم سمع زرارة بن أبى أوفى قوله عز وجل :( فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ(8)فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ(9)عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر:8-10] فشهق شهقة فمات .
ولما نزل الموت بمحمد بن المنكدر بكى بكاءً شديداً فأحضروا له أبا حازم الزاهد فسأله أبو حازم عن سبب بكائه فقال : سمعت الله عز وجل يقول :( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) [الزمر :47] . فأخاف أن يبدو لى من الله ما لم أكن أحتسب . فأخذ أبو حازم يبكى معه . فقالوا له : أتينا بك من أجل أن تخفف عنه ، فزدت فى بكائه ، فأخبرهم بما قال .
وكان عمر رضى الله عنه يسمع الآية من القرآن فيمكث فى بيته ، ويعوده الناس . وكان الحسن كثير البكاء . فسأل عن كثرة بكائه فقال أخاف أن يطرحنى فى النار ولا يبالى .
وكان يزيد الرقاس يبكى ويقول : يا يزيد من يبكى بعدك لك ، من يترضى ربك عنك .
قال ابن الجوزى رحمه الله : من لم يكن له مثل تقواهم ، لم يعلم ما الذى أبكاهم .
ومن لم يشاهد جمال يوسف عليه السلام ، لم يعلم ما الذى آلم قلب يعقوب عليه السلام .
مَنْ لم يَبِت وَالُحبُّ حَشْوُ فُؤاده لم يَدْرِ كَيْفَ تُفَتَّتُ الأكْبَادُ
قال ابن القيم رحمه الله : لابد من سنة الغفلة ، ورقاد الهوى ، ولكن كن خفيف النوم ،فحراس البلد يصيحون : دنا الصباح .
فالعبد قد يمر بأوقات يزداد فيها إيمانه و يقينه ، ويصفو قلبه من الشواغل والشهوات والشبهات ، ويحصل له حضور قوى عند سماع القرآن ، فيمس القرآن شغاف قلبه ، فإذا به يستحضر الآخرة كأنه يرى ويشاهد ، ويحس بشىء من عظمة الله عز وجل الذى تكلم بهذا الكلام المعجز ، فلا يملك نفسه عن البكاء ، وهذة الحال الإيمانية تكرر عند الصالحين ، فكأنهم فى حضور دائم ، وخشوع كامل ، وقد تعرض للمخلطين من أمثالنا الذين خلطوا عملاً صالحاً مع آخر سَيّئاً ، وعسى الله أن يتوب عليهم فى نادر من أحوالهم ، فكان أقفال الغفلة على قلوبنا ، فإذا فتح الله عز وجل هذة الأقفال استشعرنا حلاوة الإيمان ، وعظمة القرآن .
فكأن قفل الغفلة هو الذى عناه الغلام الذى أعجب عمر رضى الله عنه هو المراد فى قوله :( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) [محمد : 24]
قيل لعامر بن عبد قيس : أما تسهو فى صلاتك ؟ فقال : أى حديث أحبُّ إلىَّ من القرآن ، هيهات مناجاة الحبيب تستغرق الإحساس .
وكان على بن الحسين بي زين العابدين إذا توضأ اصفر لونه . فقيل له : ما هذا الذى يعتريك عند الوضوء ؟ قال : أتدرون بين يدى مَنْ أُريدُ أن أقوم .
وكان مسلم بن يسار أذا وقف فى الصلاة كأنه عودٌ من الخشوع تقف عليه الطير لا تحسبه إلا جذع شجرة ، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ، وفزع لها أهل السوق وما التفت .
سلام الله على تلك الأرواح ، ورحمة الله على هذة الأشباح ، لم يتبق منهم إلا أخبار و آثار .
حسبك أن قوماً تحيا بذكرهم النفوس ، وأن قوما أحياء تقسو برؤيتهم القلوب .