إن من رحمة النبي ( صلى الله عليه وسلم) بالصبيان انه كان يحملهم خلفه على الدابةِ
ويعلمهم مما علمه الله ، وكان يحمل عبد الله بن عباس خلفه يوماً
فقال له : ياغلام احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ( حفظ الله بطاعته ) ،
إذا سألت ( دعوت ) فأسال الله ، وإذا استغنيت ( طلبت أمراً كالشفاء من المرض ) فأستعن بالله ،
واعلم ان الأمة لو أجتمعت على ان ينفعوك لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك ،
ولو أجتمعوا على ان يضروك لم يضروك بشئ كتبه الله عليك ،
رُفعت الاقلام ( أي ماقدره الله ) وجفت الصحف ( ماكتبه الله سيأتيك) .
وقد علمنا أبن عباس ( رضي الله عنه ) هذا الحديث لنعمل به وهو درس عظيم من الدروس النافعة.
رحمة النبي بالأسرى :
أسر سبعون رجلاً من كبار المشركين في بدر ، ومنهم عن النبي ( صلى الله عليه وسلم)
وكان الأسرى مكتوفين بالحبال ، فسمع رسول الله انين عمه العباس ،
فتأثر من ذلك ، فامر الصحابة رضي الله عنهم ان يحلوا حبال العباس ،
فلم يعد يسمع أنينه ، ولكن رحمة النبي ( صلى الله عليه وسلم)
لم تشمل العباس عمه وحده بل أمر بفك حبال جميع الأسرى أسوةً بعمه ،
ولما شاور اصحابة فيهم ، قال عمر : أقتلهم يارسول الله
وقال : أبو بكر: أرى ان تفاديهم : فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
برأي أبي بكر لما فيه من الرحمة ِ والرأفة بهم.
ورأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) طيراً يرفرفُ بجناحيه ،
فعرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ان هذا الطير فقد فراخه ،
ورأى بعض الصبية يلعبون بهذه الفراخ ، فامرهم ان يعيدوا الفراخ إلى العش ،
وقال : لاتفجعوا الأم بفراخها . فامتثل الصبية وردوا الفراخ إلى العش
فحضنتهم امهم وسر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من ذلك .
ومن رحمة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالحيوان حتى تتألم عند الذبح ،
انه امر ان يشحد ( يسن) الذابح السكين حتى لاتتألم الذبيحة ،
وحرم ان يذبح الذبيحة امام ذبيحة اخرى حتى لاتتألم أيضاً ،
وهذه من الرحمة التي اودعها الله في قلب المسلم وتشمل كل شئ ومنها البهائم
فلايجوز ان نحمل الدابة فوق طاقتها ، ولايحل ان نحرمها من الطعام والشراب .
وقد مدح الله رسوله بقوله : [ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماغنتم
( يريد لكم اليسر) حريص عليكم ( على هدايتكم ) بالمؤمنين رؤوف رحيم ] .
ووصف الله المؤمنين بالرحمة فقال عنهم : [ رُحَماءُ بينهم ].
ومما روي أن امرأة ربطت هرة فلم تطعمها ولم تتركها تاكل من فتات الارض حتى ماتت ،
فقد ذكر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ان هذه المرأة دخلت النار ،
وقد رآها عليه السلام ليلة الإسراء والمعراج حينما رأى النار ،
وان هذه الهرة تنهش تلك المرأة وتخمشها في النار ،
وقد منع الله عنها الرحمة وعذبها في النار .
ومن تواضع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) انه كان ينام على حصير ،
فدخل عليه عمر ( رضي الله عنه ) فقال : يارسول الله : لقد أثر الحصير على جسدك
وإن كسرى وقيصر ينامان على أسرة الذهب والفضة عليها الحرير والديباج ( نوع من الحرير )
فقال عليه السلام : هي لهم ( أي الدنيا وزينتها ) في الدنيا ولنا في الآخرة .
وعرض الله لنبيه ان يجعل له جبل الصفا ذهباً
فقال : لا ، أجوع يوماً وأشبع يوماً ، فإذا جعت دعوتك وإذا شبعت حمدتك .
ومعنى ذلك أنه يدعو الله تعالى إذا جاع ليرزقه وإذا رزقه رزقاًحمده عليه.
صلوا على نور تزايد فخره يعلو على الأنوار و الألباب
محمد زين الخلق شرقا و مغربا و خير شفيع ناطق بصواب
و خير حبيب للأله نبينا و خير رسول عامل بكتاب
أتى الخلق والأصنام تعبد جهرة و بوأهم إبليس شر مآب
فأنقذ بالنور البهي عباده و بوأهم بالدين حسن مآب
فصلوا على خير الخلائق كلهم لتستوجبوا يا قوم خير ثواب