أسماء بنت يزيد بن السكن.. خطيبة النساء
قتلت تسعة من الروم في "اليرموك"
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجلس وسط أصحابه عندما دخلت عليه الصحابية أسماء بنت الصحابي يزيد بن السكن بن رافع الأنصاري وقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، وإني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأيي: إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك واتبعناك، وإنا معشر النساء مقصورات مُخدرات، قواعد البيوت، وموضع شهوات الرجال، وحاملات أولادكم، وإن الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائز، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، وقال لهم: “هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه”؟ فقالوا: بلى يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا: فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، فقال: “انصرفي يا أسماء، واعلمي مَنْ وراءك من النساء أن حُسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته تعدل كل ما ذكرت !” فانصرفت، وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قاله لها رسول الله.
النشأة
نحن هنا أمام جماعة نسائية، وبعبارة الصحابية أسماء بنت يزيد “جماعة نساء المسلمين” قامت تسعى لإنصاف النساء، بالإسلام الذي أنصف الرجال والنساء.
فمن هي أسماء بنت يزيد وكيف نشأت وتربت؟
نشأت أسماء بنت يزيد في أسرة وهبت حياتها للدفاع عن الإسلام وعن رسول الإسلام. ففي يوم أُحد حين حاول الكفار قتل النبي صلى الله عليه وسلم وقف نفر من المسلمين في وجه المشركين وفي المقدمة منهم آل السكن. يقول أنس بن مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أُحد سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة؟ وتقدم الأنصار فقاتلوا حتى قتلوا.. ولم يزل الأمر كذلك حتى قتل سبعة، ومنهم زياد بن السكن عم أسماء الذي أثخنته الجراح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أدنوه مني” فوضع رأسه على قدم رسول الله فمات شهيداً وخده على قدم النبي عليه الصلاة والسلام. واستشهد في تلك المعركة أيضاً أبوها يزيد بن السكن وأخوها عامر الذي جعل جسده متراساً للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فنال الشهادة بين يدي رسول الله.
نشأت أسماء في أسرة مجاهدة قدمت أرواح أبنائها فداء للإسلام، وقد ربى الصحابي الشهيد يزيد بن السكن ابنته على هذا المنهج، وهو ما سيظهر في جهاد أسماء بعد ذلك في سبيل الله خصوصاً في معركة اليرموك حيث وقفت مع نساء المسلمين يقاتلن الروم. يقول ابن كثير: وقد قاتلت نساء المسلمين في هذا اليوم، وقتلن خلقاً كثيراً من الروم، وكن يضربن من انهزم من المسلمين ويقلن: أين تذهبون وتدعوننا للعلوج - أي للمقاتلين الروم - فإذا زجرنهم لا يملك أحد نفسه حتى يرجع إلى القتال.
ويضيف ابن حجر في الإصابة: أسماء بنت يزيد بن السكن، شهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها (أي خيمتها).
ويؤكد الذهبي: وقتلت - أسماء - بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم.
فصاحة وقوة منطق
واشتهرت أسماء بالفصاحة والبيان والبلاغة وقوة المنطق حتى لقبت ب “خطيبة النساء”، فكانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء دون تردد أو خوف. بل إن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان يحيلها إلى عائشة - حياء - لتوضح لها الأمور الخاصة بالنساء.
يروي البخاري أن أسماء بنت يزيد سألت رسول الله عن غُسل المحيض فقال: تأخذ إحداكن ماء وسدرتها - أي ورق شجر النبق - فتطهر بها فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى يبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليه الماء، ثم تأخذ فَرْصة - أي قطعة قطن - ممسكة - أي عليها المسك - فتطهر بها. فقالت أسماء: فكيف أتطهر بها؟ فظهر الحياء في وجه رسول الله وقال: سبحان الله تطهري بها.
عندئذ تدخلت عائشة لتوضح لأسماء الشغوفة بالعلم وبمعرفة أصول دينها وقالت: تتبعين بها آثار الدم. وقد استفادت أسماء من هذا الشغف بالعلم في تحصيل هدي النبي وسنته حتى أنها روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحداً وثمانين حديثاً. وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه يعرف شغفها بالعلم وبتحصيل المعرفة فكان يداعبها ويجيبها عن أسئلتها.
يروي ابن عساكر أن أسماء بنت يزيد قالت: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج والنساء في جانب المسجد، وأنا فيهن، فسمع ضوضاءهن، فقال مداعباً: “يا معشر النساء، أنتن أكثر حطب جهنم”.
قالت أسماء: فناديت رسول الله، وكنت جريئة على كلامه فقلت يا رسول الله: بماذا؟ قال: “إنكن إذا أعطيتن لم تشكرن، وإذا ابتليتن لم تصبرن، وإذا أمسك عنكن شكوتن، وإياكن وكفر المنعمين”.
فقالت يا رسول الله، وما المنعمون؟ قال: “المرأة تكون تحت الرجل قد ولدت الولدين والثلاثة فتقول: ما رأيت منك خيراً قط”.
وكانت السيدة عائشة تنظر إلى أسماء وتقول: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه.
أولى المبايعات
وكانت أسماء تفخر بأنها أول من بايع من النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها أختها حواء. وتذكر: حين جئت لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدي سواران من ذهب، فنظر النبي إلى بريق الذهب وقال: ألقي السوارين يا أسماء، أما تخافين أن يسورك الله بأساور من نار؟ قالت أسماء: فألقيتهما فما أدرى من أخذهما؟
وكانت أسماء تصر على صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنها كانت تقود ناقته العصباء لتسمع وتتعلم منه. تقول: إني لآخذ بزمام العصباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أُنزلت عليه “المائدة” كلها، فكانت من ثقلها تدق بعض الناقة.
وكان لها السبق في رواية أحاديث مهمة حول فضل بعض آيات وسور القرآن الكريم.
تقول أسماء بنت يزيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين: “الله لا إله إلا هو الحي القيوم” و”الم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم” ان فيهما اسم الله الأعظم.
وقد بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأنزل الله فيها قرآناً فقد طُلقت أسماء ولم تكن للنساء عدة فأنزل الله عز وجل قوله تعالى “والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء”.
وكانت تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - سيراً على منهج آل السكن - فإذا رأته أحضرت له الطعام وقالت: بأبي وأمي تعش. فيأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويشرب من قربة، فتأخذ أسماء هذه القربة وتعطرها وتحتفظ بها، تقول: كنا نسقي منها المريض، ونشرب منها رجاء البركة.
خبيرة تجميل
ولم تنس أسماء بنت يزيد العالمة الفقيهة الخطيبة أنوثتها، فقد اشتهر عنها أنها خبيرة في تجميل النساء وتزيينهن، وهي التي جهزت وزينت السيدة عائشة أم المؤمنين ليلة زفافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. تقول أسماء: إني قيّنت عائشة - أي زينتها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته فدعوته، فجاء فجلس إلى جوارها، أتى بقدح لبن فشرب، ثم ناولها النبي فخفضت رأسها واستحيت. فنهرتها وقلت لها: خذي من يد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذت عائشة القدح فشربت شيئاً، ثم قال لها النبي: أعطي تربك (أي أصحابك) فقلت يا رسول الله، بل آخذه فأشرب منه ثم ناولنيه من يده الشريفة. تضيف أسماء: فجلست ثم وضعته على ركبتي، ثم رحت أُديره وأتبعه بشفتي وأتلمس ريق النبي صلى الله عليه وسلم.
وعاشت أسماء بنت يزيد بن السكن حتى خلافة عبد الملك بن مروان، واستقر بها المقام في الشام حين راحت تعلم الناس تعاليم الإسلام وتروي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتجاهد في سبيل الله بالسيف ومداواة الجرحى كما فعلت في اليرموك. وتوفيت رضي الله عنها عام 69 ه ودفنت في دمشق.
قتلت تسعة من الروم في "اليرموك"
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجلس وسط أصحابه عندما دخلت عليه الصحابية أسماء بنت الصحابي يزيد بن السكن بن رافع الأنصاري وقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، وإني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأيي: إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك واتبعناك، وإنا معشر النساء مقصورات مُخدرات، قواعد البيوت، وموضع شهوات الرجال، وحاملات أولادكم، وإن الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائز، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، وقال لهم: “هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه”؟ فقالوا: بلى يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا: فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، فقال: “انصرفي يا أسماء، واعلمي مَنْ وراءك من النساء أن حُسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته تعدل كل ما ذكرت !” فانصرفت، وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قاله لها رسول الله.
النشأة
نحن هنا أمام جماعة نسائية، وبعبارة الصحابية أسماء بنت يزيد “جماعة نساء المسلمين” قامت تسعى لإنصاف النساء، بالإسلام الذي أنصف الرجال والنساء.
فمن هي أسماء بنت يزيد وكيف نشأت وتربت؟
نشأت أسماء بنت يزيد في أسرة وهبت حياتها للدفاع عن الإسلام وعن رسول الإسلام. ففي يوم أُحد حين حاول الكفار قتل النبي صلى الله عليه وسلم وقف نفر من المسلمين في وجه المشركين وفي المقدمة منهم آل السكن. يقول أنس بن مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أُحد سبعة من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رهقوه قال: من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة؟ وتقدم الأنصار فقاتلوا حتى قتلوا.. ولم يزل الأمر كذلك حتى قتل سبعة، ومنهم زياد بن السكن عم أسماء الذي أثخنته الجراح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أدنوه مني” فوضع رأسه على قدم رسول الله فمات شهيداً وخده على قدم النبي عليه الصلاة والسلام. واستشهد في تلك المعركة أيضاً أبوها يزيد بن السكن وأخوها عامر الذي جعل جسده متراساً للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فنال الشهادة بين يدي رسول الله.
نشأت أسماء في أسرة مجاهدة قدمت أرواح أبنائها فداء للإسلام، وقد ربى الصحابي الشهيد يزيد بن السكن ابنته على هذا المنهج، وهو ما سيظهر في جهاد أسماء بعد ذلك في سبيل الله خصوصاً في معركة اليرموك حيث وقفت مع نساء المسلمين يقاتلن الروم. يقول ابن كثير: وقد قاتلت نساء المسلمين في هذا اليوم، وقتلن خلقاً كثيراً من الروم، وكن يضربن من انهزم من المسلمين ويقلن: أين تذهبون وتدعوننا للعلوج - أي للمقاتلين الروم - فإذا زجرنهم لا يملك أحد نفسه حتى يرجع إلى القتال.
ويضيف ابن حجر في الإصابة: أسماء بنت يزيد بن السكن، شهدت اليرموك وقتلت يومئذ تسعة من الروم بعمود فسطاطها (أي خيمتها).
ويؤكد الذهبي: وقتلت - أسماء - بعمود خبائها يوم اليرموك تسعة من الروم.
فصاحة وقوة منطق
واشتهرت أسماء بالفصاحة والبيان والبلاغة وقوة المنطق حتى لقبت ب “خطيبة النساء”، فكانت تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء دون تردد أو خوف. بل إن النبي صلوات الله وسلامه عليه كان يحيلها إلى عائشة - حياء - لتوضح لها الأمور الخاصة بالنساء.
يروي البخاري أن أسماء بنت يزيد سألت رسول الله عن غُسل المحيض فقال: تأخذ إحداكن ماء وسدرتها - أي ورق شجر النبق - فتطهر بها فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً حتى يبلغ شؤون رأسها ثم تصب عليه الماء، ثم تأخذ فَرْصة - أي قطعة قطن - ممسكة - أي عليها المسك - فتطهر بها. فقالت أسماء: فكيف أتطهر بها؟ فظهر الحياء في وجه رسول الله وقال: سبحان الله تطهري بها.
عندئذ تدخلت عائشة لتوضح لأسماء الشغوفة بالعلم وبمعرفة أصول دينها وقالت: تتبعين بها آثار الدم. وقد استفادت أسماء من هذا الشغف بالعلم في تحصيل هدي النبي وسنته حتى أنها روت عن الرسول صلى الله عليه وسلم واحداً وثمانين حديثاً. وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه يعرف شغفها بالعلم وبتحصيل المعرفة فكان يداعبها ويجيبها عن أسئلتها.
يروي ابن عساكر أن أسماء بنت يزيد قالت: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج والنساء في جانب المسجد، وأنا فيهن، فسمع ضوضاءهن، فقال مداعباً: “يا معشر النساء، أنتن أكثر حطب جهنم”.
قالت أسماء: فناديت رسول الله، وكنت جريئة على كلامه فقلت يا رسول الله: بماذا؟ قال: “إنكن إذا أعطيتن لم تشكرن، وإذا ابتليتن لم تصبرن، وإذا أمسك عنكن شكوتن، وإياكن وكفر المنعمين”.
فقالت يا رسول الله، وما المنعمون؟ قال: “المرأة تكون تحت الرجل قد ولدت الولدين والثلاثة فتقول: ما رأيت منك خيراً قط”.
وكانت السيدة عائشة تنظر إلى أسماء وتقول: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه.
أولى المبايعات
وكانت أسماء تفخر بأنها أول من بايع من النساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها أختها حواء. وتذكر: حين جئت لمبايعة النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدي سواران من ذهب، فنظر النبي إلى بريق الذهب وقال: ألقي السوارين يا أسماء، أما تخافين أن يسورك الله بأساور من نار؟ قالت أسماء: فألقيتهما فما أدرى من أخذهما؟
وكانت أسماء تصر على صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنها كانت تقود ناقته العصباء لتسمع وتتعلم منه. تقول: إني لآخذ بزمام العصباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أُنزلت عليه “المائدة” كلها، فكانت من ثقلها تدق بعض الناقة.
وكان لها السبق في رواية أحاديث مهمة حول فضل بعض آيات وسور القرآن الكريم.
تقول أسماء بنت يزيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين: “الله لا إله إلا هو الحي القيوم” و”الم. الله لا إله إلا هو الحي القيوم” ان فيهما اسم الله الأعظم.
وقد بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وأنزل الله فيها قرآناً فقد طُلقت أسماء ولم تكن للنساء عدة فأنزل الله عز وجل قوله تعالى “والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء”.
وكانت تحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - سيراً على منهج آل السكن - فإذا رأته أحضرت له الطعام وقالت: بأبي وأمي تعش. فيأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويشرب من قربة، فتأخذ أسماء هذه القربة وتعطرها وتحتفظ بها، تقول: كنا نسقي منها المريض، ونشرب منها رجاء البركة.
خبيرة تجميل
ولم تنس أسماء بنت يزيد العالمة الفقيهة الخطيبة أنوثتها، فقد اشتهر عنها أنها خبيرة في تجميل النساء وتزيينهن، وهي التي جهزت وزينت السيدة عائشة أم المؤمنين ليلة زفافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم. تقول أسماء: إني قيّنت عائشة - أي زينتها - لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئته فدعوته، فجاء فجلس إلى جوارها، أتى بقدح لبن فشرب، ثم ناولها النبي فخفضت رأسها واستحيت. فنهرتها وقلت لها: خذي من يد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذت عائشة القدح فشربت شيئاً، ثم قال لها النبي: أعطي تربك (أي أصحابك) فقلت يا رسول الله، بل آخذه فأشرب منه ثم ناولنيه من يده الشريفة. تضيف أسماء: فجلست ثم وضعته على ركبتي، ثم رحت أُديره وأتبعه بشفتي وأتلمس ريق النبي صلى الله عليه وسلم.
وعاشت أسماء بنت يزيد بن السكن حتى خلافة عبد الملك بن مروان، واستقر بها المقام في الشام حين راحت تعلم الناس تعاليم الإسلام وتروي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وتجاهد في سبيل الله بالسيف ومداواة الجرحى كما فعلت في اليرموك. وتوفيت رضي الله عنها عام 69 ه ودفنت في دمشق.