إن الملائكة خلق من مخلوقات الله ، خلقهم الله من نور ، وهم عالم غيبي لا نراهم ، ولكن يجب على المسلمين الإيمان بهم ؛ لأن الإيمان بهم أحد أركان الإيمان الستة ، خاصة وأن الله ذكرهم كثيرا في القرآن.
تفصيل موجز:
نبدأ من ناحية خلقتهم ، فقد خلق الله لبعض الملائكة جناحين ولبعضهم ثلاثة أجنحة ولبعضهم أربعة وبعضهم أكثر ، وذلك لأجل سرعة تنفيذ أوامر الله ، خاصة وأن الله كلفهم بأعمال مختلفة ، فلا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، قال الله سبحانه: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة فاطر : 1] .
وللملائكة علاقة كبيرة مع البشر فهناك ملكان مع كل إنسان ، سواء كان مؤمنا أو كان كافرا ، وأحد الملكين عن يمين الإنسان ، ويكتب ما يفعله الإنسان من خير ، والملك الثاني عن شمال الإنسان ، ويكتب ما يعمله الإنسان من شر ، يقول الله عز وجل:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) [سورة ق/16-18].
ولأن الله يعطي بعض مخلوقاته قدرات وإمكانيات أكثر من غيرها ، فقد أعطى الله الملائكة قدرة على أن يتشكلوا فيتحولوا إلى صورة إنسان ، كما حصل لمريم بنت عمران عندما أتاها ملك من الملائكة في صورة بشر ، ونفخ في ثوبها ، فحملت بعيسى بن مريم عليهما السلام ، قال الله سبحانه: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) [سورة مريم/16-22]
وبالرغم من أن كل الملائكة طائعون لله ، لكنهم درجات عند الله ، فبعضهم أفضل من بعض ؛ ولذا قال الله سبحانه: ( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) [سورة الحج : 75] ، وكذلك الملائكة الذين يحملون العرش فلهم منزلة عظيمة عند الله.
وللملائكة علاقة كبيرة بالمؤمنين ، فمثلا الملائكة التي تحمل العرش فبالرغم من علو قدرهم وقربهم من الله فكلهم يدعون الله أن يغفر للمؤمنين ، يقول الله عز وجل عنهم : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) ) [سورة غافر/7، 9]
فإذا كانت الملائكة تدعو لك وتستغفر لك أيها المؤمن؛ فعليك أن تحبهم ولا تكن ممن اتخذ الملائكة أعداء كمن قال الله فيهم: ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)) [سورة البقرة/97، 98].
وفضلا على دعاء الملائكة للمؤمنين فإن الملائكة تقاتل مع المسلمين ضد الكافرين ، كما حصل في غزوة بدر ، قال الله عز وجل: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) [سورة آل عمران/123-127] وقال الله سبحانه: ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ) [سورة الأنفال/11-12].
والملائكة تكثر في الأماكن الطيبة ومجالس الذكر وأوقات الخير مثل ليلة القدر في رمضان ، يقول الله عز وجل: ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) [سورة القدر : 4]
والملائكة كما تكون مع المؤمن في حياته فهي تكون معه عند مماته ، يقول الله عز وجل ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ) [سورة النحل/32] بل إن الملائكة ستكون مع المؤمنين يوم القيامة كما قال الله عز وجل: ( لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (الأنبياء : 103 ) ويقول الله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) [سورة فصلت : 30]. ثم ستعيش الملائكة مع المؤمنين في جنات النعيم أبد الآباد ، يقول الله عز وجل : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ) (الرعد : 23]
أما الكفار فإن لهم علاقة أخرى مع الملائكة ، فهناك ملكان مع كل كافر ، أحدهما يكتب أعماله الطيبة والآخر يكتب أعماله الخبيثة ، يقول الله عز وجل:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) [سورة ق/16-18]
ولأن الله حكيم؛ فقد كان قادراً على أن يضع الصالح في الجنة ويضع الفاسد في النار منذ بداية خلقهم ، ولكن الله أوجد الحياة الدنيا لأجل أن يختبر البشر فيها ويشهدوا على أنفسهم ، وجعل الاختبار هو الإيمان بالغيب ، كالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب السماوية والرسل وبالقدر ، وكل هذه الأمور لا يراها الناس ولكن الله بث حولنا أدلة كثيرة واضحة على وجود تلك الغيبيات ، فمن آمن فله الجنة ، ومن كفر فله النار. ولذا فالله لن يُظهر هذه الغيبيات للبشر ؛ لأنها لو ظهرت سيؤمنوا كلهم قسرا بالقوة الجبرية ، وهذا ما لا يريده الله ، بل الله يريد أن يؤمن كل إنسان بمحض إرادته واختياره ، لكن الكفار يخالفون الحكمة والعقل السليم ؛ ولذا فهم دائما يطالبون برؤية الغيب ورؤية الملائكة حتى يؤمنوا بهم ، قال الله عز وجل:( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ ) [سورة الحجر/6-8] معنى الآية أن الملائكة لن تظهر إلا إذا انكشفت الحقيقة ورأى الإنسان الملائكة سواء عند الموت أو يوم القيامة ، قال الله سبحانه:( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) [سورة الفرقان/21-25] وبالرغم من أن الأصل هو أن البشر لا يرون الملائكة ، ولكن يمكن رؤية الملائكة في حالات نادرة ، كأن يراهم نبي من الأنبياء ونحو ذلك.
والعجيب أن الإنسان الذي حكم الله عليه بالضلال سيبقى ضالا فلن يؤمن بالملائكة حتى لو انكشف له الغيب ورآهم ، يقول الله عز وجل:( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) [سورة الأنعام/111]
والأعجب أن الإنسان الذي لا يؤمن بالملائكة على وجه صحيح تراه أحيانا يعبد الملائكة ! بل ويسميها أحيانا بأسماء أنثوية ،
وقال الله سبحانه:( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ )[سورة سبأ/40-42] (( معنى الآية : أن شياطين الجن تـُخيل للكفار أنهم ملائكة وأنهم رموز الخير لأجل أن يعبدونهم ))
ويقول الله عز وجل:( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ )[سورة الأنبياء/26-29]
وقال الله سبحانه: ( وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (آل عمران : 80]
وقال سبحانه: ( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ) [سورة النساء/172]
وقال الله سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) [سورة النجم/27، 28]
وقال سبحانه: ( أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ ) [سورة الصافات : 150]
وقال سبحانه: ( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) [سورة الزخرف : 19]
فلا ينبغي للكفار أن يعبدوا الملائكة ، لأسباب منها:
1- أن الملائكة نفسها تسبح الله خوفاً منه ، قال الله عز وجل: ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ) [سورة الرعد : 13]
2- أن الملائكة نفسها ستلتزم الصمت يوم القيامة بحضرة الله العظيم الجليل الكبير ، قال الله سبحانه: ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) [سورة النبأ : 38].
وعندما يحين موت الكافر فالملائكة ستقبض روحه وتوبخه بل وتضرب وجهه وتضرب دبره ، قال الله عز وجل:( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) [سورة الأنفال/50-52]
وقال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )[سورة النساء/97]
أما يوم القيامة فإن ملائكة غلاظا شدادا يصاحبون الكافرين حتى في النار يقمعونهم ويوبخونهم ويعذبونهم ، يقول الله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [سورة التحريم : 6]
تفصيل موجز:
نبدأ من ناحية خلقتهم ، فقد خلق الله لبعض الملائكة جناحين ولبعضهم ثلاثة أجنحة ولبعضهم أربعة وبعضهم أكثر ، وذلك لأجل سرعة تنفيذ أوامر الله ، خاصة وأن الله كلفهم بأعمال مختلفة ، فلا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، قال الله سبحانه: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [سورة فاطر : 1] .
وللملائكة علاقة كبيرة مع البشر فهناك ملكان مع كل إنسان ، سواء كان مؤمنا أو كان كافرا ، وأحد الملكين عن يمين الإنسان ، ويكتب ما يفعله الإنسان من خير ، والملك الثاني عن شمال الإنسان ، ويكتب ما يعمله الإنسان من شر ، يقول الله عز وجل:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) [سورة ق/16-18].
ولأن الله يعطي بعض مخلوقاته قدرات وإمكانيات أكثر من غيرها ، فقد أعطى الله الملائكة قدرة على أن يتشكلوا فيتحولوا إلى صورة إنسان ، كما حصل لمريم بنت عمران عندما أتاها ملك من الملائكة في صورة بشر ، ونفخ في ثوبها ، فحملت بعيسى بن مريم عليهما السلام ، قال الله سبحانه: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) [سورة مريم/16-22]
وبالرغم من أن كل الملائكة طائعون لله ، لكنهم درجات عند الله ، فبعضهم أفضل من بعض ؛ ولذا قال الله سبحانه: ( اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) [سورة الحج : 75] ، وكذلك الملائكة الذين يحملون العرش فلهم منزلة عظيمة عند الله.
وللملائكة علاقة كبيرة بالمؤمنين ، فمثلا الملائكة التي تحمل العرش فبالرغم من علو قدرهم وقربهم من الله فكلهم يدعون الله أن يغفر للمؤمنين ، يقول الله عز وجل عنهم : ( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) ) [سورة غافر/7، 9]
فإذا كانت الملائكة تدعو لك وتستغفر لك أيها المؤمن؛ فعليك أن تحبهم ولا تكن ممن اتخذ الملائكة أعداء كمن قال الله فيهم: ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (98)) [سورة البقرة/97، 98].
وفضلا على دعاء الملائكة للمؤمنين فإن الملائكة تقاتل مع المسلمين ضد الكافرين ، كما حصل في غزوة بدر ، قال الله عز وجل: ( وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127) [سورة آل عمران/123-127] وقال الله سبحانه: ( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ) [سورة الأنفال/11-12].
والملائكة تكثر في الأماكن الطيبة ومجالس الذكر وأوقات الخير مثل ليلة القدر في رمضان ، يقول الله عز وجل: ( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ) [سورة القدر : 4]
والملائكة كما تكون مع المؤمن في حياته فهي تكون معه عند مماته ، يقول الله عز وجل ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ ) [سورة النحل/32] بل إن الملائكة ستكون مع المؤمنين يوم القيامة كما قال الله عز وجل: ( لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (الأنبياء : 103 ) ويقول الله سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) [سورة فصلت : 30]. ثم ستعيش الملائكة مع المؤمنين في جنات النعيم أبد الآباد ، يقول الله عز وجل : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ) (الرعد : 23]
أما الكفار فإن لهم علاقة أخرى مع الملائكة ، فهناك ملكان مع كل كافر ، أحدهما يكتب أعماله الطيبة والآخر يكتب أعماله الخبيثة ، يقول الله عز وجل:( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) [سورة ق/16-18]
ولأن الله حكيم؛ فقد كان قادراً على أن يضع الصالح في الجنة ويضع الفاسد في النار منذ بداية خلقهم ، ولكن الله أوجد الحياة الدنيا لأجل أن يختبر البشر فيها ويشهدوا على أنفسهم ، وجعل الاختبار هو الإيمان بالغيب ، كالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب السماوية والرسل وبالقدر ، وكل هذه الأمور لا يراها الناس ولكن الله بث حولنا أدلة كثيرة واضحة على وجود تلك الغيبيات ، فمن آمن فله الجنة ، ومن كفر فله النار. ولذا فالله لن يُظهر هذه الغيبيات للبشر ؛ لأنها لو ظهرت سيؤمنوا كلهم قسرا بالقوة الجبرية ، وهذا ما لا يريده الله ، بل الله يريد أن يؤمن كل إنسان بمحض إرادته واختياره ، لكن الكفار يخالفون الحكمة والعقل السليم ؛ ولذا فهم دائما يطالبون برؤية الغيب ورؤية الملائكة حتى يؤمنوا بهم ، قال الله عز وجل:( وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6) لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (7) مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ ) [سورة الحجر/6-8] معنى الآية أن الملائكة لن تظهر إلا إذا انكشفت الحقيقة ورأى الإنسان الملائكة سواء عند الموت أو يوم القيامة ، قال الله سبحانه:( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا (21) يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا (22) وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24) وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا (25) [سورة الفرقان/21-25] وبالرغم من أن الأصل هو أن البشر لا يرون الملائكة ، ولكن يمكن رؤية الملائكة في حالات نادرة ، كأن يراهم نبي من الأنبياء ونحو ذلك.
والعجيب أن الإنسان الذي حكم الله عليه بالضلال سيبقى ضالا فلن يؤمن بالملائكة حتى لو انكشف له الغيب ورآهم ، يقول الله عز وجل:( وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) [سورة الأنعام/111]
والأعجب أن الإنسان الذي لا يؤمن بالملائكة على وجه صحيح تراه أحيانا يعبد الملائكة ! بل ويسميها أحيانا بأسماء أنثوية ،
وقال الله سبحانه:( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ )[سورة سبأ/40-42] (( معنى الآية : أن شياطين الجن تـُخيل للكفار أنهم ملائكة وأنهم رموز الخير لأجل أن يعبدونهم ))
ويقول الله عز وجل:( وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ )[سورة الأنبياء/26-29]
وقال الله سبحانه: ( وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) (آل عمران : 80]
وقال سبحانه: ( لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ) [سورة النساء/172]
وقال الله سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) [سورة النجم/27، 28]
وقال سبحانه: ( أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ ) [سورة الصافات : 150]
وقال سبحانه: ( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) [سورة الزخرف : 19]
فلا ينبغي للكفار أن يعبدوا الملائكة ، لأسباب منها:
1- أن الملائكة نفسها تسبح الله خوفاً منه ، قال الله عز وجل: ( وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ) [سورة الرعد : 13]
2- أن الملائكة نفسها ستلتزم الصمت يوم القيامة بحضرة الله العظيم الجليل الكبير ، قال الله سبحانه: ( يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ) [سورة النبأ : 38].
وعندما يحين موت الكافر فالملائكة ستقبض روحه وتوبخه بل وتضرب وجهه وتضرب دبره ، قال الله عز وجل:( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) [سورة الأنفال/50-52]
وقال سبحانه:( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )[سورة النساء/97]
أما يوم القيامة فإن ملائكة غلاظا شدادا يصاحبون الكافرين حتى في النار يقمعونهم ويوبخونهم ويعذبونهم ، يقول الله سبحانه: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [سورة التحريم : 6]