من الناس من يسعى إلى كسب لقمة العيش بالطرق المشروعة وإن مات من الجوع لا يدخل في جوفه حراماً.
ومنهم من يتعجل في الكسب سواء كان حلالاً أو حرام. لا يهمه شيء يكذب، يغش المهم عنده أنه يجمع المال وما يدري هذا المسكين أن الذي يفعله غباوة وليست شطاره.
قبل أسبوع تماماً اتصل على أحد الأشخاص وزعم أنه فلان بن الشيخ عبد الرحيم البرعي من الزريبة وقال لي: اتصلنا عليك لأننا نحبك في الله، فقال: من أين أنت، فقلت له: من ولاية النيل الأبيض. وقال: من أسمك. فقلت: أبو عبد الله الحساني. وقال: سبب اتصلنا عليك لأننا قمنا بتوزيع مبالغ مالية إلى ستة أشخاص، وأنت منهم، وعندك عندنا مبلغ خمسة وسبعون مليوناً (75000000) ثم واصل معي في الحديث، وقال: بكل أريحية وبساطة: هذا المبلغ يحتاج إلى كرامة منك، وهو مبلغ خمسة وعشرون ألف (25000) وسألني عن أقرب مركز لتحويل الرصيد على أن أحول له هذا المبلغ بأسرع فرصة. وبعد ذلك قلت له: كم عندي بطرفكم من المال؟ فقال: (75 مليون) فقلت له: خذ منها (25 ألف) وأرسل لنا الباقي. فأغلق هاتفه. ثم اتصلت عليه لاحقاً فقلت له: اتق الله. فما كان منه إلا إغلاق هاتفه مرة أخرى. ثم أرسلت له رسالة وهي إلى كل دجال مثله مفادها: ((السلام عليكم أخي الحبيب: كتبتُ إليك هذه الرسالة نصحاً لله ولعباده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الدين النصيحة. فقد نهى الله عز وجل عن أكل أموال الناس بالباطل. وقال سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً))[النساء:29] وهذا الذي تفعله من المسارعة بالإثم والعدوان، كما قال سبحانه وتعالى: ((وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُون)) [المائدة: 62]، وقلت له: وأيضاً يا أخي وأنت تتخرص بأنك تعطيني ملايين من الجنيهات ومعك ذلك تطلب مني مبلغ بالجنيهات!!! هذا إنما يدلُ على كذبك البين، وهل تعلم عاقبة الكذب. ((إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ)) [النحل:105]. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الكذب من علامات أهل الفجور وعلامات أهل النار. كما قال صلى الله عليه وسلم: ((وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا)) [متفق عليه]
إياك إياك والكذب والدجل!!!
ومن المعلوم أن أكل الحرام يمنع إجابة الدعاء، فكيف طابت لك نفسك أن تتغذى بالحرام؟ فأوصيك بتقوى الله، فعليك بالمبادرة والرجوع إلى الله حتى لا تندم يوم لا ينفع الندم، فهل تدري متى تموت؟ أمامك شهر المغفرة شهر تتفتح فيه أبواب الجنة، ألا تريد أن تدخلها.
أخيراً أخي تقبل نصيحتي فأفهمها جيداً فإني كتبتها شفقةً بك حتى لا تموت على سوء الخاتمة.
لذا من هذا المنبر أحذّر جميع المسلمين أن ينخدعوا باتصالات هؤلاء الدجالين البطّالين.
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها ... لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً ... يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي ... فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً ... عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ