القائد
العاشق محمد بن القاسم والأميرة ماليني !!رؤعه الحب
السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كانت
جيوش المسلمين قد حاولت غزو الهند مرة فلم توفق فعادت الى غزوها في عهد خلافة
الوليد بن عبدالملك ..ففي ذلك العهد جهز الوليد جيشا عظيما تحت امرة قائد شاب يدعى
محمد بن القاسم .كان هذا القائد مشهورا برجاحة العقل
وأصالة الرأي اضف جماله الخارق وأساليبه الماهرة في استدراج العدو واضعاف شوكته ...
ولقد
تمكن بفضل من الله ثم بفضل مهارته وبسالته ان يستولي على معظم ولايات السند ويهدد
مدينة حيدر اباد حيث يقيم الحاكم ..وحاصر المسلمون المدينة وخرج الحاكم الهندي على
رأس جنوده يدافع عن مدينته كما خرجت ابنته الجميلة ماليني تشعل الحماسة في صدور
الهنود ..ودارت المعركة واستبسل المسلمون وقتل الحاكم الهندي وتولت ماليني قيادة
الجيش بمهارتها وحنكتها ..واستمر حصار المسلمين للمدينة حتى ساء حال اهلها فقررت
ان تنقذ شعبها ولو على حساب نفسها فأحكمت خطة ماكرة وعزمت على تنفيذها ..
طلبت
ماليني الهدنة مع المسلمين ثم اسندت القيادة الى احد القواد وذهبت ذات ليلة الى
معسكر المسلمين وكانت ترتدي ثوبا اسودا يجللها من قمة الرأس الى اخمص القدمين وتضع
على وجهها النقاب ..وهكذا دخلت ماليني على محمد بن القاسم كرسول من قبل الهنود ...
فلما
دخلت على خيمته لم يتحرك في جلسته ، بل نظر اليها ثم هب واقفا وقد تخطفه ضوء
المصباح الخافت المعلق في وسط الخيمة فأبرز جماله الخارق ،وقال مقطبا حاجبيه
(امرأة؟!!) فانتفضت ماليني واجابت في صوت ناعم رقيق وفي عبارة عربية سليمة(انا
رسول قومي اليك واهل بلدي عندما يقدرون بطلا من الابطال يخرجون لاستقباله وعلى
رأسهم امرأة ) فبهت محمد بن القاسم وقال: (تتكلمين العربية ..ولكن من علمك لساننا
؟)فقالت بصوت ناعم حار (تعلمته على يد فارس من فرسانكم اسره جدي ابان غزوتكم الاولى
) فصاح محمد وقد راعه فصاحتها (اسفري عن وجهك ياامرأة )
تقدمت
ماليني الى وسط الخيمة ووقفت تحت المصباح واسفرت عن وجهها فتطلع اليه القائد وجمد
كانت ملامحها تنطق بالجمال الاخاذ ونظرت اليه ماليني ودبت رعدة في اوصالها فطلعته
المشرقة البهية فتنتها وهيئته الواثقة المعتزة بهرتها وصفاء تقاطيعه الدقيقة راعها
وروعها فمضت تقارن بين جماله وجما الهها براهما !!!
وفجأة
لوح محمد بذراعه وصرخ (من انت ومارسالتك؟؟)فصوبت اليه نظرة من خلال اهدابها
الطويلة وقالت (انا ابنة الحاكم الذي قتلتموه وقد جئت التمس الرحمة لبلادي)
فقال في
لهجة باترة (اما التسليم او المواصلة هذا ماعندي) فدنت منه ماليني مشرئبة بعنقها
متثنية بجمع اعضائها تحاول ان تلفح وجهه بحرارة انفاسها وان تذيب ارادته تحت وقدة
انوثتها (دع قومي يامحمد وشأنهم فانا وحدي التي يمكن ان تتبعك ودينك فالنور من
عينيك بهرني والسحر في كلامك اسرني والصفاء المشع من روحك خلب لبي فخذني اليك
يامحمد ودع قومي ووطني ) وتراجعت خطوة وابعدت عنها ثوبها وبرزت ماليني في ضوء
المصباح عارية لايستر بدنها شيء.......
وتراجعت
خطوة وابعدت عنها ثوبها وبرزت ماليني في ضوء المصباح عارية لايستر بدنها شيء !!!!
وشخص القائد اليها بعينين جاحظتين وذهل .. اراد ان
يزجرها ..ان يصرخ فيها ..ان يأمر بطردها .. ولكنه جمد في مكانه ولم يستطع ان يشيح بوجهه
عنها ..فتأملها على الرغم منه ..وهو ثابت .. لقد كان تجاهه اية من ايات الفتنة والجمال
والإغراء .. فخطا خطوة واحده ثم توقف ثم عض على شفتيه وضم قبضتيه وصرخ بااعلى صوته
( الى الوراء ايتها الوثنية الفاجرة ... انصرفي )
فجثت على قدميه بعريها وعانقتهما بذراعيها وقالت وصوتها
يتهدج ( خذني يامحمد وارحل .... كف عن محاصرة بلادي .... كف عن غزو شعبي ... اخلص
لك مدى الحياة واتبعك الى اقصى العالم واصبح اسيرة وعبدة لك )
فاضطرب محمد بن القاسم لحظة .. ولكنه اسرع وصاح ( استري
...استري بدنك يا امرأة ...خذي ) والتقط الثوب ..ثم غض من بصره والقى بالثوب عليها
صائحا بها وهو يدفعها الى الباب ( اذا فقد جئت للتغرير بي ..جئت لتقديم شبابك
وجمالك ثمنا لخيانتي ..ان القتل هو جزاؤك الاوفى ...لكن اذهبي )
فهبت واقفة ونظرت اليه وقالت بلوعة وحقد ( كان بوسعي انا
ايضا ان اقتلك غدرا .. ولكن اخاف انتقام جيشك من شعبي ..ولهذا جئت اخاطب فيك
العاطفة والغريزة والقلب ..ولكنك متحجر القلب ميت الغريزة فااسمع اذن لقد احببتك اجل
انا احبك ..احبك يامحمد الظافر القاسي ..بالرغم مني وبالرغم من شعبي وبالرغم من
الهتي ..ولكني احب ايضا وطني واكرهك لانك عدوه وعلى الرغم من حبي فإنني سأثأر منك
يامحمد بن القاسم )
وارتدت ثوبها واسدلت نقابها وخرجت من الخيمة ..وبرقت في
ذهنها فكرة شيطانية فمزقت اطراف ثوبها ونزعت النقاب من وجهها وحلت شعرها وكشفت عن
صدرها ورسمت على وجهها علامات الالم والحسرة .. فلما رآها تابع القائد وكان يدعى
صالح بن نويرة والذي كان مكلفا بمصاحبتها ..اختلط عليه الامر فاادعت ماليني الإرتجاف
ثم اجهشت بالبكاء واعولت وقالت وهي تتشنج ( لقد اغتصبني ولوثني وانتهكني وانا
عذراء ..انها جريمة اعلم ان خليفتكم يجزي عليها القتل ) ثم رجته الا يصيح حتى
لايطلع القائد على الأمر فيقتلهما وتوسلت اليه ان يسرع بها الى اسوار المدينة..
واراد محمد بن القاسم ان يحسم الحرب فجهز جيشه ودخل مع
الهنود في معركة فاصلة وفي اثناء المعركة التقى بماليني فبارزها حتى جرح ذراعها
ووقعت في اسره وتلفتت ماليني لتبصر افواج المسلمين وقد سحقوا قوات الهنود وبددوها فاانخلع
قلبها وارتعدت فرائصها وكذت على اسنانها غما وكمدا ..ودخل المسلمون المدينة واراد
محمد بن القاسم ان يحرز نصرا اخر ينقع به غلة حبه وهوى قلبه ..وكان قد سحرته شجاعة ماليني وبسالتها
الخارقة وضاعفت حبه لها ..
وذات ليلة والناس حول محمد بن القاسم ارسل يستدعي ماليني
فلما مثلت
بين يديه في عنفوانها وكبريائها المحطمة قال على مسمع من
الحضور
( ان هذه الفتاة قد قاتلتها حتى وقعت في اسري فهي بحق
النصر ملكي
الا اني اكبرها عن ذلك .. لقد احببتها من صميم قلبي فاذا
رضيت بالإسلام دينا تزوجتها ) وماكان من ماليني الا ان بهتت الجميع بقولها
( لن اعتنق دينكم على يد محمد بن القاسم ولن اتزوجه ..
انا بنت امير وحفيدة ملك واذا كان يجب ان اتزوج فالزوج
الخليق بي
هو الخليفة نفسه فااحملوني اليه)
وهكذا حملت ماليني للخليفة بصحبة صالح بن نويرة الذي كان
يعلم
مقصدها فلما مثلتبي يدي الخليفة وقرأ كتاب ابن القاسم
فيها قال لها
( يدهشني منك ايتها الأميرة جحودك الصارخ وتمردك العجيب
لقد وقعت
اسيرة القائد المنتصر فبدل من يذلك ويتسراك عرض عليك
الزواج فتأبين
ويدفعك غرورك ان تتطلعي للخليفة !!!) فتقدمت ماليني
وقالت بثبات
(لن اتزوج محمد بن القاسم ولو قتلني ) واردفت بحدة
( لن اتزوج رجلا احل لنفسه ان يغتصبني ويلوثني ..
انما جئتك يامولاي لاطرح عند قدميك شكايتي وانا لم اتطلع
اليك
ولن رغبت ان افلت من قبضة القائد محمد ..لقد ارسلني قومي
رسولا الى محمد فااغتصبني ولوث شرفي وهاك شاهد من اهله )
فبهت الخليفة وزاد من عجبه بشهادة صالح بن نويرة ثم ارسل
في الحال
يستدعي محمد ليسمع منه دفاعه عن نفسه ..
ووقع النبأ على محمد بن القاسم وقع الصاعقة ..
لم يتصور ان الحقد يمكن ان يبلغ من ماليني هذا المبلغ ..
لقد طعنته في خلقه وعفته ونزاهة جهاده ...
وساءت به الحال فعاقر العزلة والصمت .
وعاف الطعام والشراب .. ولزم الصيام والصلاة ...
وزهد في الدنيا واستعجل ماعند الله ..
ودخل محمد بن القاسم على الخليفة وقد استحال لونه
وصار اشبه بهيكل عظمي تتردد فيه حشرجة النفس ..
انه ان سكت ثبت عليه الإفك وان تكلم اردى ماليني واهلكها ..
وهكذا جلس محمد في مجلس الخليفة لايروم دفاعا عن نفسه
وكانت ماليني تنظر اليه مبهوتة مما حل به ...حزينة
لمصابه ..
.مستشعرة للذة خفية بالإنتقام في ان واحد ..
وخيم الصمت على المجلس وفجأة تململ القائد ورفع رأسه
تجاه ماليني
ونظر اليها نظرة لم تر قط مثلها في عين انسان ...ثم اشاح
بوجهه
وارسل نفسا عميقا وترك رأسه المترنح يسقط على صدره
المقوس العاري ...عندئذ ...وعندئذ فقط فقدت ماليني حكمها الجبار على نفسها
واندفعت نحو محمد بن القاسم وطفقت تهزه هزا عنيفا وتصيح
بأعلى صوتها
( لاتصدقوا لاتصدقوا ) وهمت بالإستطراد في الإعتراف
ولكنها احست بالبرودة
تسري في جسد محمد بن القاسم وتأملته مذعورة وهو يرتمي
عليها جثة هامدة ..فجن جنونها وصاحت ( لقد خدعتكم جميعا ..هذا الرجل لم يغتصبني ..
لم يمسني ..عف عني في حين اني ذهبت الى خيمته عارية
..لقد احببته ..
.لكنه كان خصمي الذي قتل ابي وهزم بلادي فأردت ان انتقم
لقومي ..
انا التي قتلته فااقتلوني فحياتي بعد محمد هباء )
فذهل الخليفة والحضور واصدر امره للسياف بضرب عنق ماليني
فأشرق
محياها الجميل وهتفت (الموت ..مرحبا بالموت .. ولكن
رويدكم ..
لقد فرقت الأقدار في الجهاد والدين بيني وبين محمد بن
القاسم
ولكني الان والموت تجاهي لااريد ان يفرق بيننا في غد شيء ..
سأعتنق دينه الذي علمه الحب والنبل والعفة والشهامة
والتضحية ...
دينه الذي تفوق به وسما .. سأعتنقه عن ايمان مطلق
وعقيدة راسخة عسى ان يغفر لي ربي ويجمع بيني وبين من احب
في جنته الخالدة ) ورفعت عينيها وغمغمت
( اشهد ان لاإله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله )
التفت الخليفة الى الحضور وقال ( لقد خسرنا بوفاة محمد
بن القاسم
قائدا من خيرة قوادنا ..كان بطلا في جهاده ..وبطلا في
حبه ..
وبطلا في تضحيته ..وبطلا في رياضة نفسه على التعفف
المطلق
عن المرأة التي يحبها انقاذا لها من الموت ولو على حساب
حياته )
وأمر بهما فدفنا في قبرين متجاورين ...
هذه
كانت نهاية القائد فاتح بلاد السند محمد بن القاسم ....
يقولون ( ان الذي يقهر هوى نفسه اعظم من الذي يفتح مدينة
بأسرها ) ونقول (كيف بمن قهر نفسه وهزم مدينة بأسرها )
خُذِ القَنـَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها ... لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً ... يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ
يـَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي ... فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً ... عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ