عمرو بن الجموح شيخ اراد ان يطأ بعرجته الجنه
تجاوز عمرو بن الجموح الستين من عمره وهو لم يسلم بعد ,وبعدها اسلم على يد اولاده.
تذوق عمرو بن الجموح من حلاوة الإيمان، ماجعله يعض بنان الندم على كل لحظة قضاها في الشرك، فأقبل على الدين الجديد بجسده وروحه، ووضع نفسه وماله وولده في طاعة الله وطاعة رسوله.
* * *
- وما هو إلا قليل حتى كانت أحد، فرأى عمرو بن الجموح أبناءه الثلاثة يتجهزون للقاء أعداء الله ، ونظر إليهم غادين رائحين كأسد الشرى –الشرى ( أي أسد الغابة )، وهم يتوهجون شوقا إلى نيل الشهادة والفوز بمرضاة الله، فأثار الموقف حميته، وعزم على أن يغدو معهم إلى الجهاد تحت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لكن الفتية أجمعوا على منع أبيهم مما عزم عليه...
فهو شيخ كبير طاعن في السن، وهو إلى ذلك أعرج شديد العرج، وقد عذره الله عز وجل فيمن عذرهم.
فقالوا له: يا أبانا إن الله عذرك، فعلام تكلف نفسك ما أعفاك الله منه؟!
فغضب الشيخ من قولهم أشد الغضب، وانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوهم فقال: يانبي الله، إن أبنائي هؤلاء يريدون أن يحبسوني عن هذا الخير وهم يتذرعون ( أي يحتجون ) بأني أعرج، والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام لأبنائه: ( دعوه لعل الله عز وجل يرزقه الشهادة...).فخلّوا عنه إذعاناً لأمر رسول الله.
* * *
- ومن ثم اتجه إلى القبلة ورفع كفيه إلى السماء وقال: اللهم ارزقني الشهادة ولا تردني إلى أهلي خائبا.
ثم انطلق يحيط به أبناؤه الثلاثة، وجموع كبيرة من قومه بني سلمة.
ولما حمي وطيس المعركة ( الوطيس: التنور، ووطيس المعركة أي نارها ) ، وتفرق الناس عن رسول الله صلوات الله عليه، شوهد عمرو بن الجموح يمضي في الرعيل الأول ويثب على رجله الصحيحة وثبا وهو يقول: إني لمشتاق إلى الجنة، إني لمشتاق إلى الجنة.... وكان وراءه ابنه خلاد.
ومازال الشيخ وفتاه يجالدان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرّا صريعين شهيدين على أرض المعركة، ليس بين الابن وأبيه إلا لحظات.
* * *
- وما أن وضعت المعركة أوزارها حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد ليواريهم ترابهم،ويقف الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول والذي نفسي بيده, أرى عمرو بن الجموح يطأ الجنة بعرجته. ويستشهد عمرو بن الجموح ومعه إبنه خلاب في معركة أحد. وبعد إنتشار إشاعة قتل النبي خرجت زوجة عمرو بن الجموح تسأل عن الرسول وتقول: ما فعل برسول الله؟ فقيل لها: مات زوجك عمرو بن الجموح فسألت مافعل برسول الله؟ فقالوا: هو بخير فقالت: لا حتى أراه. فاقتربت وسألت ما فعل برسول الله؟ فقيل لها:إحتسبي مات إبنك خلاب فقالت ما فعل برسول الله؟ فقالوا لها: هو بخير فقالت لا والله حتى أراه فنظرت ورأت النبي فقالت: كل مصيبة بعدك هينة. ويحمل عمرو بن الجموح وإبنه ليدفنا في المدينة ولكن ترفض البغلة أن تتحرك لأن عمرو بن الجموح أقسم أن لا يرجعه الله إليها. وأمر النبي الصحابة بوقف دفن الشهداء وقال: لا تدفنوا أحد, إبحثوا لي عن عبدالله بن حرام وعمرو بن الجموح وقال إدفنهما سويا لأنهما كانا متحابين في الدنيا.
* * *
- رضي الله عن عمرو بن الجموح وأصحابه من شهداء أحد، ونوّر لهم في قبورهم.