قال الشيخ العجوز محدثا نفسه :
ها هو الشاب الذي اتاني مع والده منذ شهر تقريبا ولكن تغير
حاله تماما فأصبح ضعيفا بعد قوة ، منكسرا بعد صلابة ، وجهه
شاحبا وترك لحيته تطول ، ودموع الحزن تملأ عينيه ، ترى ما
الذى حدث له ، فاقترب منه يسأله عن سر تغيره ، فأجابه الشاب
بعيون تملؤها الدموع والحزن والاسى
(لقد توفى والدي)
فربت الشيخ على كتفيه وقال له يا بني لا تحزن انما البقاء الله
فاجابه نعم ونعم بالله ثم صمت الشاب برهة ليتذكر فيها هذا
اللقاء الذي جمع بينه وبين والده وبين الشيخ العجوز ، هذا
اليوم الذي كان فيه غاضبا ومهاجما لأبوه اشد الهجوم
حقا كان والده قاسيا ، حقا تبدل حاله تماما بعد خسارته معظم
امواله في مشروع تجاري ، فأصبح عصبيا للغاية ، واصبح بالكاد
يكسب قوت يومه بعد ان كان من اصحاب الثروات، وللاسف ايضا
ادمن والده المخدرات التي كان يظن انها راحة له وانها تنسيه
مشاكله وهمومه ، لكنها كانت سببا في انهيار اسرته حيث طلبت
زوجته ( الام) الطلاق بعد ان جعله الادمان يفقد عقله فكان
يمطرها بالسباب والشتائم امام اولادها لأتفه الاسباب كما امتدت
يده عليها ليضربها بعد هذه العشرة الطويله بينهما فلم تتحمل
الام هذه الاهانات وفضلت الانفصال وانهارت الاسرة بعد زيجه
استمرت لاكثر من 35 عاما وذهبت لتعيش مع ابنتها المتزوجه
تاركه الاب والابن سويا
حاول الابن مرارا ان يثني والده عن هذا الطريق ولكن دون
فائدة ، فالأب كان دائما ما يثور عليه قائلا :
(الان لم اعد اعجبك بعد ان ذهبت اموالي واصبحت لاتعتمد على واصبح لك عملك الخاص )
وكان يقول له ايضا :
(انت مش حتربيني انا عارف انا باعمل ايه محدش حيخاف على اكثر من نفسي )
الى ان جاء هذا اليوم الذي اشتد فيه الخلاف بينهما وفقد الابن
اعصابه فقال للاب :
(يا ابي اني استعر منك فانا لا اتشرف بوجودك معي امام اهل زوجتي المستقبلية )
فما كان من الاب الا ان صفعه على وجهه وقال له :
(انا ايضا لا اتشرف بابن عاق لي ولا اتشرف بحضور زفافك )
وذهبا الى الشيخ العجوز ليحكم بينهما فحاول الشيخ مرارا
وتكرارا تهدئة كل منهما والاصلاح بينهما ولكن دون جدوى ،فلقد
اصر كل منهما على رايه وانه على صواب
فقال لهما الشيخ العجوز كلاكما على خطأ ، وكلاكما ستندمان على
قراركما ولكن بعد فوات الاوان
وللاسف كل منهما تشبث برايه، حيث قرر الابن الابتعاد نهائيا عن
ابيه ، وقرر الاب العيش وحيدا وبالفعل لم يحضر زفاف ولده
الوحيد
ثم رن هاتف الابن بعد مرور اسبوعين من زفافه ليجد صوت جاره في
الهاتف يقول له :
(شد حيلك البقاء لله توفى والدك، وقد طلب مني ان ابلغك رسالة
قبل ان يلقى ربه ، لقد طلب مني ان اقول لك انه ندم ولكن
بعد فوات الاوان
ندم على معاملته السيئة لك ولاخوانك
ولوالدتك ، ندم على سيره في طريق المخدرات التي اسلبته عقله
ندم على قسوته معكم ويطلب منكم ان تسامحوه وانه يحبكم جميعا)
فما كان من الابن الا ان اغرورقت عينيه بالدموع وقال بصوت مخنوق
ليتني كنت استطيع ان ابلغه اني انا الاخر ندمت لانني لم اصبر
عليه ولم اخذ بيديه نحو الشفاء والرجوع عن هذا الطريق ، ولكن جاء ندمي ايضا
بعد فوات الاوان
وبهذا ادرك الشاب تحقق نصيحة ورؤية الشيخ العجوز
نصيـحـــــة غاااااالية
لكل اب يقسو على ابناؤه ويتشبث برأيه
ويرى فيه كل الصواب انه مخطئ ، فاولادك في احتياج لعطفك
وحنانك ورعايتك ، اولادك في احتياج لحوارك الهادئ معهم ، فحافظ
على حنانك تجاههم وحافظ على صحتك من اجلهم
واوجه النداء لكل الابناء ان يصبروا على تصرفات اباؤهم حتى
ولو كانوا مخطئين وحاولوا ان تستميتوا لتقودهما وتصلوا بهما الى
طريق الهداية ولكن بالحسنى وليس بالعصبية والخلاف
تقربوا لوالديكم واحسنوا لهما قبل فوات الاوان
نسال الله ان يرزقنا حسن الخاتمة وان يعيننا على تربية اطفالنا
على طاعة الله وطاعة رسوله الكريم
اللهــــــــم آمــــــــــين