كَم يُبعِدُ الدَهرُ مَن أَرجو أُقارِبُهُ
عَنّي وَيَبعَثُ شَيطاناً أُحارِبُهُ
فَيا لَهُ مِن زَمانٍ كُلَّما اِنصَرَفَت
صُروفُهُ فَتَكَت فينا عَواقِبُهُ
دَهرٌ يَرى الغَدرَ مِن إِحدى طَبائِعِهِ
فَكَيفَ يَهنا بِهِ حُرٌّ يُصاحِبُهُ
جَرَّبتُهُ وَأَنا غِرٌّ فَهَذَّبَني
مِن بَعدِ ما شَيَّبَت رَأسي تَجارِبُهُ
وَكَيفَ أَخشى مِنَ الأَيّامِ نائِبَةً
وَالدَهرُ أَهوَنُ ما عِندي نَوائِبُهُ
كَم لَيلَةٍ سِرتُ في البَيداءِ مُنفَرِداً
وَاللَيلُ لِلغَربِ قَد مالَت كَواكِبُهُ
سَيفي أَنيسي وَرُمحي كُلَّما نَهِمَت
أُسدُ الدِحالِ إِلَيها مالَ جانِبُهُ
وَكَم غَديرٍ مَزَجتُ الماءَ فيهِ دَماً
عِندَ الصَباحِ وَراحَ الوَحشُ طالِبُهُ
يا طامِعاً في هَلاكي عُد بِلا طَمَعٍ
وَلا تَرِد كَأسَ حَتفٍ أَنتَ شارِبُهُ
( عنـــترة بن شـــداد )