محمد صلى الله عليه و سلم، خير البشرية، رسـول الأمة، منقـذ الإنسانية من ظلام الجهل إلى نـور الإسلام.
سلام عليك يا رسـول الله، السلام عليك يا حبيب الله، يا خاتم الأنبياء و المرسـلين. يا من مـدحك القرآن
بقـولة (( وإنك لعلى خلـق عظيم )) صدق الله العظيم.
الرثاء من مقاصد الشعر وقد برع العرب على عادتهم في إستعمال اللفظ وتنميقه في رثاء من مات من أحبابهم
وأهليهم وذويهم...لما توفي رسول الله رثاه جماعة من أصحابه وآله بمراث كثيرة منها ما روي عن أبي بكر الصديق
رضي الله تعالى عنه فإنه كان أقرب الناس إليه وهو أول من رثاه فقال:
لمـا رأيـت نبينـا متجـنـدلا***ضاقت علي بعرضهن الـدور
فارتاع قلبي عند ذاك لموتـه***والعظم مني ما حييت كسيـر
أعتيق ويحك إن خلك قد ثوى***والصبر عندك ما بقيت يسيـر
يا ليتني من قبل مهلك صاحبي***غيبت في لحـد عليـه صخـور
فلتحدثن بدائع من بعده***تعيابهن جوانح وصدور
وقال آخر:
فقدت أرضنا هناك نبيـا***كان يغدو به النبات زكيا
خلقا عاليا ودينـا كريمـا***وصراطا يهدي الأنام سويا
وسراجا يجلو الظلام منيـرا***ونبيـا مـؤيـدا عربـيـا
حازما عازما حليما كريمـا***عائدا بالنـوال بـرا تقيـا
إن يوما أتى عليـك ليـوم***كورت شمسه وكان خليـا
فعليك السلام منـا جميعـا***دائم الدهر بكرة وعشيـا
ورثاه أبو سفيان بن الحرث فقال"
أرقت فبات ليلـي لا يـزول***وليل أخى المصيبة فيه طول
وأسعدني البكاء وذاك فيما***أصيب المسلمون بـه قليـل
لقد عظمت مصيبتنا وجلـت***عشية قيل قد قبض الرسـول
وأضحت أرضنا ممـا عراهـا***تكـاد بنـا جوانبهـا تميـل
فقدنا الوحي والتنزيل فينـا***يروح بـه ويغـدو جبرئيـل
وذاك أحق ما سالـت عليـه***نفوس الناس أو كادت تسيل
نبي كان يجلو الشـك عنـا***بما يوحى إليـه ومـا يقـول
ويهدينـا فـلا نخشـى ملامـا***علينا والرسـول لنـا دليـل
أفاطم إن جزعت فذاك عذر***وإن لم تجزعي فهو السبيـل
فقبر أبيك سيـد كـل قبـر***وفيه سيد النـاس الرسـول
قالت قيلة ابن الحارث في رثائه صلى الله عليه و سلم:
يا راكباً إن الأثـيـل مـطيـةٌ
من صُبح خامسةٍ و انت موفـقُ
ابلغ بهــا ميتاً بأن تحـيـةً
ما إن تـزالُ بها الـنجائبُ تخفـقُ
هل يسمعن النضـرُ إذ ناديـتـهُ
ام كيف يسمعُ ميتٌ لا ينطـقُ
امحمدٌ يا خيـر صنـو كريمـةٍ
في قومها والفحـلُ فحـلٌ معرقُ
وفي مدحه ايضاُ قال عباس ابن مرداس:
رأيتك يا خـيـرَ الـبريةِ كلها
نشـرت كتاباً جاء بالحـق معلما
و نـورت بالـبرهـان امـراً مـدمساً
و اطفأت بالبرهـان امـراً مضرما
فـمن مبلـغٌ عـني النبي محمداً
و كل امـرئ يُـجـزى بما قـد تكلما
تعالى عـلـواً فـوقَ عـرشٍ إلهـنا
و كان مكانُ اللهِ اعلى و اعظما
وقالت فاطمة الزهراء تـرثي رسول الله صلى الله عليه و سلم:
إغبر آفاق السماء وكورت شمس النهار و أظلم العصران
فالأرض من بعد النبي كئيبة أسفاً عليه كثيرة الرجفان
وليبكه الطود المعظم جوه والبيت ذو الأستار والأركان
فليبكه شرق البلاد وغربها ولتبكه مضر وكل يمان
يا خاتم الرسل المبارك ضوؤه صلّى عليك منزل القرآن
ماذا عـن من شـمَّ تُـربةَ احـمـدٍ
ان لا يشم مدى الـزمان غـواليا
صُـبت عليَّ مصائبٌ لو انها
صَّـبتْ على الأيام عُـدن لياليا
قال حسان ابن ثابت رضي الله عنه .
اطالت وقـوفاً تـذرف العـين جهداً
على طللِ القبر الذي فـيه احـمـدُ
فبوركت يا قـبر الرسول و بـوركت
بلادٌ ثـوى فـيها الـرشـيدُ المُـسـددُ
و بورك لـحـدٌ مـنك ضمـن طيـباً
عليه بناءٌ مـن صفـيحِ مُـنضدُ
و قال حسان ايضاً:
أغـرَّ عـليه للـنبـوةِ خـاتـمٌ
من الله مشهـودٌ يـلـوحُ و يُـشهــدُ
وضمَ الإله اسم النبي إلى اسمهِ
إذا قال في الخمسِ المـؤذنِ اشهـدُ
وشـق له مـن إسـمه لـيـجُـلـه
فـذو العـرشِ محمودٌ وهـذا محمدُ
نـبيٌ آتانـا بـعـد يـأسِ و فـتـرةِ
من الرسـل و الأوثان في الأرض تُـعبدُ
فأمسى سراجاً مستنيراً و هادياً
يلوحُ كما لاح الصقيلُ المُـهندُ
وانـذرنا ناراً وبـشـر جـنـةَ
وعلمنا الإسلام فالله نحـمـدُ
فأنت إله الخلق ربي و خالـقـي
بذلك ما عـمّـرتُ في الناس اشهـدُ
تعاليتَ رب الناسِ عن قـول مـن دعـى
ســواكَ إلهاً و انـت اعـلى و امجــدُ
لك الخلق و النعماءُ و الامـر كـلـه
فإياك نـستـهـدي و إيـاكَ نـعـبـدُ
قصيدة قالها حسان بن ثابت في رثاء الرسول صلى الله عليه وسلم
ما بال عينك لا تنام كأنما * كحلت مآقيها بكحل الأرمد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا * يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
وجهي يقيك الترب لهفي ليتني * غيبت قبلك في بقيع الغرقد
بأبي وأمي من شهدت وفاته * في يوم الاثنين النبي المهتدي
فظللت بعد وفاته متبلدا * متلددا يا ليتني لم أولد
أ أقيم بعدك بالمدينة بينهم * يا ليتني صبحت سم الأسود
أو حل أمر الله فينا عاجلا * في روحة من يومنا أو من غد
فتقوم ساعتنا فنلقى طيبا * محضا ضرائبه كريم المحتد
يا بكر آمنة المبارك بكرها * ولدته محصنة بسعد الأسعد
نورا أضاء على البرية كلها * من يهد للنور المبارك يهتدي
يا رب فاجمعنا معا ونبينا * في جنة تثنى عيون الحسد
في جنة الفردوس فاكتبها لنا * يا ذا الجلال وذا العلا والسودد
والله أسمع ما بقيت بهالك * إلا بكيت على النبي محمد
يا ويح أنصار النبي ورهطه * بعد المغيب في سواء الملحد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا * سودا وجوههم كلون الإثمد
ولقد ولدناه وفينا قبره * وفضول نعمته بنا لم نجحد
والله أكرمنا به وهدى به * أنصاره في كل ساعة مشهد
صلى الإله ومن يحف بعرشه * والطيبون على المبارك أحمد
ومن شعر نزار قباني :
عَـزَّ الـورودُ وطـال فيـك أوامُ وأرقـتُ وحـدي والأنـام نيـامُ
ورَدَ الجميع ومن سناك تـزودوا وطردت عن نبع السنـا وأقامـوا
ومنعت حتى أن أحوم ولـم أكـد وتقطعت نفسي عليـك وحامـوا
قصدوك وامتدحوا ودوني أغلقـت أبواب مدحـك فالحـروف عقـامُ
أدنوا فأذكر مـا جنيـت فأنثنـي خجـلا تضيـق بحملـي الأقـلام
أمن الحضيض أريد لمسا للـذرى جـل المقـام فـلا يطـال مقـام
وِزْرِي يكبلني ويخرسني الأسـى فيموت في طرف اللسـان كـلام
يممت نحوك يـا حبيـب الله فـي شوقٍ تقـض مضاجعـي الآثـام
أرجو الوصول فليل عمري غابـة أشـواكـهـا ... الأوزار والآلام
يا من ولدت فأشرقـت بربوعنـا نفحات نـورك وانجلـى الإظـلام
أأعود ظمـآنٌ وغيـري يرتـوي أيراد عن حـوض النبـي هيـام
كيف الدخول إلى رحاب المصطفى والنفس حيرى والذنـوب جسـام
أو كلمـا حاولـت إلمامـا بــه أزف البـلاء فيصعـب الإلـمـام
ماذا أقول وألـف ألـف قصيـدة عصماء قبلي ... سطرت أقـلام
مدحوك ما بلغوا برغـم ولائهـم أسرار مجـدك... فالدنـوُّ لمـامُ
حتى وقفتُ أمـام قبـرك باكيـاً فتدفـقَ الإحسـاس والإلـهـامُ
ودنـوت مذهـولا أسيـرا لا أرى حيـران يلجـم شعـري الإلجـام
وتوالت الصور المضيئة كالـرؤى وطوى الفـؤاد سكينـة وسـلام
يا ملء روحي وهج حبك في دمي قبس يضـيء سريرتـي وزمـامُ
أنت الحبيب وأنت مـن أروى لنـا حتـى أضـاء قلوبنـا الإٍسـلام
حوربت لم تخضع ولم تخش العدى من يحمه الرحمن كيـف يضـام
وملأت هذا الكون نورا فاختفـت صور الظـلام وقوضـت أصنـام
الحزن يملأ يا حبيـب جوارحـي فالمسلمون عن الطريق تعامـوا
والـذل خيَّـم فالنفـوس كئيبـة وعلـى الكبـار تطـاول الأقـزام
الحزن أصبـح خبزنـا فمساؤنـا شجـن وطعـم صباحنـا أسقـام
واليـأس ألقـى ظلـه بنفوسنـا فكـأن وجـه النيريـن ظــلام
أنى اتجهت ففي العيون غشـاوة وعلى القلوب من الظـلام ركـام
الكـرب أرقنـا وسهـد ليلـنـا من مَهدهُ الأشـواك كيـف ينـام
يا طيبة الخيرات ذل المسلمـون ولا مجيـر وضيـعـت أحــلام
يغضون إن سلب الغريب ديارهـم وعلى القريب شذى التراب حـرام
باتـوا أسـارى حيـرة وتمـزق فكأنهـم بيـن الـورى أغـنـام
ناموا فنام الـذل فـوق جفونهـم لا غرو وضاع الحـزم والإقـدام
ودنـوت مذهـولاً أسيـراً لا أرى حيران يلجـم شعـري الإحجـام
وتمزقـت نفسـي كطفـل حائـر قد عاقـه عمـن يحـب زحـام
يا هادي الثقلين هل مـن دعـوة تُدْعَـى بهـا يستيقـظ الـنـوامُ
هذا و اكثروا من الصلاة و السلام على خير البشر محمد صلى الله عليه و سلم.