كنا في عطلة الصيف..و الوقت ظهرا..في التاسعة من عمري..مستلقية امام النافذة اقلب صفحات مجلة اطفال بين يدي..عندما سمعت وقع طرقات على باب المنزل..كانت جارتنا ام خالد..عرفتها بصوتها الرفيع السريع كان احدا يسابقها على الكلام..سمعتها تحدث والدتي عن اخت زوجها التي قدمت من البادية من اجل الاستشفاء بالمدينة..و التي تعاني من اضطراب عقلي..واثار انتباهي كلامها عن مس اصابها و جن سكن جسدها..فتركت المجلة وخرجت الى فناء الدار حيث تتحدث المراتان ..كان يظهر على الجارة انها بمازق..لانها تود ان تذهب للسوق لاحضار بعض الاغراض و تخشى ان تترك اخت زوجها بمفردها بالبيت..يجب ان يوجد دائما احدا الى جانب هذه السيدة المصابة..نظرت الي الجارة نظرة فهمت منها اني من سيقوم بمهمة البقاء مع المريضة..ورغم اظهار ترددي من هذه المهمة الغير منتظرة..جعلتني توسلات الجارة ووعدها لي بانها لن تغيب الا دقائق امضي وراءها في صمت و توجس..
ما ان دلفنا من باب الدار حتى رايت السيدة المريضة تقف قبالتي.. بدت لي صفراء..كلها صفراء..لباسها بورود صفراء..ووجهها شاحبا..و عينيها خضراء تميل للاصفر..لكن ما شدني فعلا هو اسنانها..كانت تبتسم في وجهي ابتسامة بلهاء فتظهر اسنانا صفراء كحبات الذرة الناضجة..وجدتها تنحني لتسلم علي, فاذا برائحة الحظيرة تملا انفي و تكتم انفاسي..و التفت ابحث عن الجارة فوجدتها قد اختفت..و احسست اني في وضع لا احسد عليهابدا..وضعت المريضة يدها الغليظة على كتفي..ومضت بي حتى الكنبة و اجلستني قربهادون ان تبعد نظرها عني او حتى ترمش.. و ما اغاظني هو ابتسامتها المقيتة التي لا تنطوي على خير..احسست بان دهرا قد مر قبل ان اسمع صوتها يقول:
_ زوجي احضرني الىهنا و تركني و مضى..
فهززت راسي دون ان اتمكن من اخراج صوتي, و قالت:
_ اريد ان اذهب عند زوجي..
حاولت ان استجمع احبالي الصوتية التي تلاشت , و قلت لها:
_ ستذهبين قريبا ان شاء الله الى زوجك..
و كانني لم اقل شيئا..اعادت نفس الكلام ..بنفس النبرة ..و نفس الابتسامة..و نفس النظرة التي اصبحت تحرق اعصابي:
_اريد ان اذهب عند زوجي..
فاعدت نفس الكلام بصوت كالرجاء:
_ ستذهبين قريبا ان شاء الله..
لكنها ظلت تعيد جملتها كانها مسجل آلي لا يجيد الا اعادة مقطع واحد كئيب..و يظهر اني سئمت جملتها و سئمت نظرتها ..و سئمت اكثر رائحة الحظيرة التي تحيط بي ,فقلت لها بصوت نفذ صبره:
_ قلت لك ستذهبين قريبا عندما تشفين من مرضك..الا تسمعين؟
بعدها لم ادرك..ولم استوعب ما حدث..كل ما اذكره ان ضوءا ازرقا رايته يخرج من عيني..و الدماء تسيل من انفي..كانت المختلة قد سددت لكمة قوية الى وجهي, جعلتني اطير الى بيتنا و انا اصرخ من الالم و الرعب و لا اكاد ارى الطريق امامي.. واخوف ما كنت اخافه..ان يكون ذلك الجن الذي سمعت انه يسكن جسدها قد انتقل بسبب لكمتها المحترمة الى جسدي ..فيحواني الى فتاة صفراء .. لديها ابتسامة مقيتة..و اسنان كانها حبات الذرة الناضجة.
كانت فكرة قدرات الجن على الايذاء سيطرت علي لاكتشف بعدها انها سيده مجنونه وان الله هو الحامي وكانت تجربه جميله رغم بعض القساووه التي ابدتها هذه السيده.. فقصص الاطفال وخيالاتهم ارووع ما تكون
ودمتم بصحه وعافيه
عدل سابقا من قبل رجاء في الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 6:53 am عدل 1 مرات