آية
عظيمة كلما تذكرتها أتذكر عظمة الخالق سبحانه وتعالى يقول فيها: (أَوْ
كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ
مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) [النور: 40].
يشبّه الله أعمال الكفار برجل يعيش في أعماق المحيط حيث تتغشاه الأمواج
العميقة من فوقه ثم هناك طبقة ثانية من الأمواج على سطح الماء وفوق هذا
الموج سحاب كثيف يحجب ضوء الشمس، فهو يعيش في ظلمات بعضها فوق بعض.
في هذه الآية العظيمة حقيقة علمية لم تنكشف يقيناً للعلماء
إلا في نهاية عام 2007 وذلك من خلال اكتشافهم لأمواج عميقة في المحيط لأول
مرة تختلف عن الأمواج السطحية على سطح الماء، أي أن هناك موج عميق وموج
سطحي، وهو ما عبرت عنه الآية بقوله: (مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ). وقبل
سرد الاكتشاف العلمي لابد من التنبيه لما يقوم به بعض الملحدين من تشكيك في
صحة هذه المعجزات الواضحة.
فقد حاولت الرد كثيراً على الملحدين الذين ينكرون إعجاز
القرآن في الحديث عن الأمواج العميقة، ولكن في كل مرة كانوا يخترعون كذبة
جديدة، فمرة يقولون إن العلماء اكتشفوا تيارات في أعماق المحيطات وهذه
تختلف عن الأمواج، فالقرآن يتحدث عن (موجWave ) والعلماء يتحدثون عن “تيار” Current ،
ويقولون إنه من المستحيل أن توجد أمواج حقيقية في الأعماق كالتي تحدث عنها
القرآن، وهذا يعني أن القرآن أخطأ في هذا التعبير: (مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ
مَوْجٌ) ويكفي أن نجد خطأ واحداً في القرآن لنثبت أنه ليس من عند الله لأن
الله لا يُخطئ!
هذا قولهم بأفواههم، وكما قال تعالى: (كَذَلِكَ قَالَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ
بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [البقرة: 118]. والملحد يا
إخوتي يراوغ ويلف ويدور وهو يدرك في قرارة نفسه أن القرآن هو الحق، ولكن
الكِبر يمنعه من الإيمان به، وهذا ما أخبرنا به القرآن: (وَجَحَدُوا بِهَا
وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ
كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) [النمل: 14].
فتارة يقولون إنكم تخرجون عن التفسير المألوف للقرآن بما
تقدمونه من إعجاز مزعوم، وتارة يقولون: إن الحقائق العلمية التي تعتمدون
عليها غير صحيحة، وعندما نواجههم بالدليل القوي على أن القرآن تحدث عن هذه
الحقيقة العلمية بوضوح كامل يتهربون من المواجهة ويقولون: إنها مصادفة!!!
ولذلك أقدم هذا الاكتشاف العلمي الصريح الذي يرد على هؤلاء،
وسوف نستخدم ما جاء في المقال الأصلي حرفياً وباللغة الإنكليزية ليكون
كلامنا موثقاً ولا يحتمل التأويل، وندعوهم لإعادة النظر ليكونوا منصفين
وعادلين، فلن ينفعهم استكبارهم ولن يجدوا مهرباً من الله إلا إليه. ونحن
نريد لهم الخير والهداية والنجاة من عذاب يوم عظيم: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ
مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
[الشعراء: 88-89].
اكتشاف علمي جديد
نشرت جريدة تيلي غراف في 13/12/2007 مقالاً بعنوان: ”العلماء يكتشفون الأمواج العميقة في المحيط” Deep ocean waves discovered by scientists
وجاء في هذا الخبر أن اكتشاف هذه الأمواج العميقة في المحيط
قد سببت مفاجأة للعلماء لأنهم لم يتوقعوا أن يشاهدوا أمواجاً تشبه تلك التي
نعرفها في أعماق المحيط، لنقرأ:
British scientists have discovered waves that flow deep in the Pacific Ocean
علماء بريطانيون اكتشفوا أمواجاً تتدفق في أعماق المحيط الهادئ!
They were known to occur on or near the ocean’s surface but the scientists were surprised to find them in the deep ocean.
لقد علموا أن مثل هذه الأمواج يمكن أن تشاهد على أو قرب سطح
المحيط، ولكن العلماء كانوا مندهشين لأنهم وجدوا هذه الأمواج في المحيط
العميق.
Prof Karen Heywood, an
oceanographer at the University of East Anglia (UEA) and co-author of
the research, said: “We were both surprised and delighted. “We expected
to find something at about 50m because satellite imagery indicated it
was there but we were really excited when we got a result at 1,500
metres. It opens up the possibility that there may be more waves even
deeper down.”
لقد جاء على لسان البرفسورة Karen Heywood من جامعة UEA ومؤلفة مشاركة في هذا البحث:
لقد كنا مندهشين وفرحين! لقد كنا نتوقع وجود شيء ما على عمق
50 متراً كما أشارت إلى ذلك الصور القادمة من الأقمار الاصطناعية، ولكن
الذي أثارنا حقيقة أن نجد هذه الأمواج على عمق 1500 متراً، وهذا يفتح باب
الاحتمالات على أن هناك أمواجاً على أعماق أكبر.
Dr Adrian Matthews, a
meteorologist in UEA’s School of Environmental Sciences and lead author
of the new research, said: “Everyone thought that there would be nothing
to see below about 200m.
يقول الدكتور Adrian Matthews أحد علماء الجامعة المذكورة والذي يقود هذا البحث: كل واحد منا ظن أنه لا يمكن رؤية أي أمواج تحت عمق 200 متر.
ويؤكد العلماء أن هذا الاكتشاف يحدث للمرة الأولى في نهاية
العام 2007 وأنه سيشكل قفزة في دراسة المحيطات والبيئة بشكل عام، ويحاول
العلماء حشد جهودهم للتعرف على المزيد من هذه الأمواج الغريبة.
لقد استخدموا في هذا الاكتشاف الأقمار الاصطناعية والغواصات
والمختبرات العائمة، وقد أظهرت الصور وجود أمواج عميقة ولكن المفاجأة أنهم
لم يتوقعوا أن تكون عميقة لهذا الحد، أليس هذا ما حدثنا عنه القرآن بقوله
تعالى: (بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ)، بحر لجي:
أي بحر عميق. مصدر الصورة: وكالة ناسا NASA
لنتأمل الآن قول الحق تبارك وتعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي
بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ
سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) [النور: 40]. فقد تحدثت الآية
بدقة عن أمواج في بحر عميق، وهذا ما كشفه العلماء أخيراً.
وهنا نود أن نقول لأولئك الملحدين: كيف جاء ذكر هذه الأمواج
في كتاب أنزل قبل أربعة عشر قرناً؟ وهل كانت هذه الحقيقة معروفة في ذلك
الوقت؟ إن علماء الغرب يعترفون بأن أول مرة يرون هذه الأمواج كانت في العام
2007، فمن الذي أخبر النبي الأعظم بهذه الحقيقة اليقينية؟ وما الذي يدعو
هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للحديث عن حقيقة علمية معقدة كهذه؟
وكيف علم أن من يعيش في البحر اللجي العميق سوف يغشاه الموج العميق ويكون
في ظلام دامس؟؟؟
ونقول أيضاً لمن يعتقد أن الإعجاز العلمي هو تحميل للآيات غير
ما تحتمل: ماذا يمكن أن نسمي حديث القرآن عن هذه الأمواج العميقة، هل
نسميه إعجازاً أم مصادفة؟ الله تبارك وتعالى يتحدث عن موج والعلماء يكتشفون
هذه الأمواجWaves والله يتحدث عن (بحر لجي) أي عميق والعلماء يتحدثون عن المحيط العميق Deep ocean إذاً أين هذا التحميل لمعاني الآية؟
إن كل صاحب عقل لابد أن يرى في هذه الآية معجزة شديدة الوضوح،
بل لو كان في اللغة كلمة أكبر من “إعجاز” لاستخدمتها للتعبير عن عظمة
وروعة هذا الكتاب العظيم. نسأل الله تعالى أن يجعل هذه المعجزة نوراً لكل
مؤمن وحجة على كل ملحد ينكر هذا القرآن، ونقول كما قال تعالى: (وَيُرِيكُمْ
آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ) [غافر: 81].