رمضان / أعود إليكم شهراكاملا بعد غيابي !
الناس / ومن أنت أيها السيد الوقور ؟
رمضان / أنا ضيفكم الراحل ، وزائركم المؤقت ، وناصحكم الأمين ، أنا ركن من أركان الإسلام ،وقبس من نور الإيمان .
الناس / أهلاًوسهلاً بكَ ،، ما اسمك أيها الضيف الزائر ؟
رمضان / اسمي رمضان ، ابن الزمان ، وحفيد الأيام ، وأخو شعبان .
الناس / كم يبلغ عمرك ؟
رمضان / عمري يقرب من ألف وأربع مائة وثلاثون عام 1430هـ .
الناس / من أين أتيت ؟
رمضان / أتيت من عند الرحمن ، الذي خلق الإنسان ،وعلمه البيان .
الناس / أين تسكن ؟ ياحضرة الفاضل المحترم ؟
رمضان / اسكن في قلوب المؤمنين ، وفي ديار المتقين ، وبجوار المحسنين .
الناس / هل تعاني من أزمة السكن كما نعاني منها نحن هذه الأيام ؟
رمضان / نعم ، لقد مررت بكل بيت وحللت في كل منزل ، ودفعت أغلى الأثمان ، فكان أن طردني البخلاء الأشقياء ، وتجاهلني الأغنياء الأذلاء ، وعبس في وجهي التعساء الجهلاء ،
ولكني لم أيئس ، فقد بحثت عمن يحبونني من المؤمنين المحسنين ، والأتقياء
الصالحين ، فوجدتهم ينتظرون لقائي ، ويستعدون لاستقبالي .
الناس / وكم تقيم عندنا؟
رمضان / أيام معدودات ،، تسع وعشرون أو ثلاثون .
الناس / ماهي مهنتك التي تمارسها في ديار الإسلام ؟
رمضان / مهنتي هي الزراعة والصناعة والطب والتعليم ..
أما الزراعة : فإنني أغرس الإيمان في القلوب ، وأزرع المحبة في النفوس ، وابذر الأخلاق في الطباع ، واسقيها بماء الطهر والإخلاص ،وأغذيها بشهد الفضيلة والإحسان ، فتنبت كل معاني الخير والاطمئنان ،ونجني ثمار الفلاح والنجاح .
كما أنني أنزع شوك الحقد والغل والبغض من الصدور ، وأقلع جذور الفساد والغش والحسد من النفوس فتنتج المحبة والمودة والإخاء .
الناس / ما أجمل هذه الزراعة وما أبركها ،، وما هي صناعتك التي تمارسها ؟
رمضان / إنني أصنع الأجسام القوية ، والنفوس الأبية، والأرواح الزكية ، أصل ما تقطع بين الناس من أوصال ، وأجمع ما تفرق من أشتات ، وأصهر الجميع في بوتقة العدل والمساواة ، فأنتج الأبطال الأقوياء ، والرجال الأشداء على الأعداء الرحماء فيما بينهم .
الناس / يا لها من صناعة تدفع الأمة إلى الجهاد الذي به تقود العالم إلى الخير وما هي تجارتك ؟
رمضان / تجارتي لن تبور ، فأنا أعطي الحسنات وأمحو السيئات ، فمن تعامل معي .. ربح الجنة وفاز بالحياة ، ومن تنكر لي وغش .. خسر البركة والخيرات .. وحبطت أعماله ، وكان من أولئك الذين اشترواالضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين .
الناس / وما هو طبك ؟
رمضان / إنني أداوي الأجسام السقيمة ، والنفوس المريضة ، والعقول التائهة .. فأبعد عنها كل ضعف وشح وشرك ،، وأطهرها من أدران المادة ومن جراثيم الفساد والضلال .
الناس / وماذا عن أدويتك وعلاجك ؟
رمضان / أدويتي هي الصيام والقيام وذكر الديان والعمل على طاعة الرحمن .
الناس / وماذا تعلم الناس؟
رمضان / أعلمهم أن يسلكوا طريق الرشاد، وأعودهم الجود والإحسان والرحمة والتسامح والأمانة والوفاء والصدق والصبر والتعاون والإخلاص .
الناس / لقد عرفنا الكثير من مزاياك وازداد شوقنا إلى حديثك المفيد ، وكلامك الرشيد ، فهل لنا أن تزيدنا من علمك وتعرفنا على مزيد من فوائدك ؟
رمضان / نعم ، أنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ،أنا شهر التوبة والغفران ، أنا في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ..من حُرمها فقد حُرم الخير كله ، ولا يحُرم خيرها إلا محروم ..
أنا الذي رافقت آباءكم المسلمين في معارك بدر واليرموك وحطين .. فأعطيتهم القوة والعزيمة وعلمتهم الصبر والثبات فكان النصر حليفهم والخذلان حليف عدوهم .
الناس / الآن وقد عرفناك جيداً وتذكرنا فضلك منذ القديم ، أنت الذي تزورنا في كل عام .
وتأتينا بالخير والبركات من خزائن الأرض والسماوات فـ أهلاً بك وبمعانيك الخيرة ونفحاتك العطرة ، ليتك تقيم عندنا الحياة كلها .. تسكن في قلوبنا وتعيش مع أرواحنا ..
الناس / أيها السيد الكريم هل لك من شيء تقوله أخيرا ؟
رمضان / نعم ، إنني أقول لـ من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .
ورزقكم من الطيبات لتزدادوا خيرا على خير وبركة على بركة ، أما أنتم أيها البخلاء الطامعون ، والأغنياء اللاهون ، والتجار المحتكرون ، والمفطرون العابثون ، فقد مررت بدياركم فوجدت أبوابكم مؤصدة وبيوتكم مقفلة وقلوبكم خاوية إلا من الطمع وحب المال والفساد والضلال ، فلا خيرفيما تجمعون ، ولا بركة فيما تكدسون