ثقافة التعالي والغرور
قال ابى ذات مرة ..
"الذى يعتقد انه فوق الناس ...لا يساوى احذيتهم !!"
كان ابى انفعاليا !
فى مجتمعاتنا عيوب كثيرة ... مع ان ديننا هو الاسلام الذى يحارب كل العيوب فى سبيل بناء مجتمع فاضل
وهى مفارقة غريبة لها اسباب بالتأكيد .. لكن ما يحكم مجتمعاتنا للاسف ليس الدين وانما العادات والتقاليد
والتصورات التى بناها المجتمع اثناء تراكمات الزمن
من هذه العيوب .. ثقافة التعالى .. وهى من عيوب المجتمع التى تندرج تحت "الظاهرة " .. وهى من ثقافات
عدة تسللت الى مجتمعاتنا فى غياب الدين .. ونذكر منها ثقافة لتسلط , وثقافة العيب , والثقافة الذكورية ..
وكثير غيرها ..اودت بمجتمعاتنا الى الحضيض .. وصنعت منا كائنات مشوهة فى مجتمعات مشوهة
كيف تسللت ثقافة التعالى الينا رغم انا مسلمون ؟
من وجهة نظرى .. ان سيطرة المادة على حياتنا هى السبب .. فقد افرزت -نتيجة ظروف معينة لسنا بصدد
الحديث عنها -تمايزا ماديا حادا .. انتج تمايزا طبقيا والذى بدوره صنع طبقات ثرية تحتكر كل شئ تقريبا
المال والسلطة والجاه .. وفى سبيل المحافظة على هذا التمايز خلقت هذه الطبقة مايسمى السلم الاجتماعى
ووضعت نفسها اعلاه .. وحافظت على ترتيبه !.. وصرنا نسمع المركز الاجتماعى .. والمكانة الاجتماعية !
والاسرة هى الوحدة البنائية للمجتمع ..وفى الطبقات العليا (بمقياسهم ) ينشأ الطفل على ان له مكانة معينة
ومقاما معينا .. وان له ترتيبا معينا فى السلم (الذى صنعوه ) .. وهكذا تتأصل ظاهرة التعالى وثقافته
ومهما حاول الاخرون ان يحسنوا وجودهم وترتيبهم فى السلم (الذى فرضه المجتمع ) .. فهم رعاع وهم
متسلقون ...الخ
من ثقافة التعالى يولد الغرور ... وهو مرض واّفة .. لكن المغرور هنا له عذر .. انه يرى الناس صغارا
لانه تربى على ذلك .. انه ابن طبقة (عليا) .. علمته كيف يرى الناس حتى تحافظ على نفسها !
لكن هناك غرور تولده التركيبة النفسية للانسان المغرور .. وهو فى هذه الحالة يعانى من نقص ما فى
شخصيته وهنا نحتاج الى علماء نفس ليشرحوا لنا كيف يعوض المغرور النقص بالغرور
ومن هنا المغرور شخصان اما وليد ثقافة التعالى .. واما وليد تركيبته النفسية التى تعانى من نقص ما
نتيجة ظروف ما فرضها عليه المجتمع (السلم الاجتماعى مثلا )
اريد ان أصل الى ان ثقافة التعالى فى مجتمعاتنا هى ما تولد الغرور واصحابه ..سواء كانت سببا او نتيجة
لذلك لا اتفق مع ابى فى كلمته ... لان المغرور مريض .. وليس على المريض حرج
واخيرا
"من يرى الناس صغارا يرونه كذلك "
ويقول الشاعر
"تواضع تكن كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
ولا تكن كالدخان يعلو بنفسه
فوق طبقات الجو وهو وضيع "
احترامى للجميع