ساره حسنا ياسيدى :,سأبدأ في سرد ما حدث ,يومهــــــــا كنت وحيدة بالمنزل ,جالسة بسلام في غرفتي أدرس كالعادة وقاطعني صوت جرس الباب الذي دق بشدة , توجهت إليه كي أفتحه لكني لم أجد أحد ينتظر, نظرت يميناً وشيمالاَ وخرجت كي أسأل جارتي السيدة ماجدة والتي كان تسقي أزهار حديقة منزلها ان كانت قد رأت أحدا , فتعثرت قدمي الحافية بظرف أبيض صغير ملقاَ على الأرض أمام الباب , حملت الظرف ودخلت الى المنزل, وفتحته وكان يحتوي على ورقة بيضاء فارغة من أي شيئ سوى توقيع في أسفلها,قلبت الورقة عدة مرات لكن النتيجة لم تتغير, لاشيئ على الإطلاق,تركتها على الطاولة وعدت الى ماكان يشغلني وإفترضت بأنه مجرد عبث عابث ثقيل الدم لا أكثر, أو هذا ماظننته في البداية,
بعد قرابة الساعة دق جرس الباب مرة أخرى, توجهت إليه كي أفتحة لكن لا أحد أيضاً, نظرت حول الباب فلمحت ظرفاً آخر ملقاً على الأرض, حملته وتوجهت الى جارتي السيدة ماجدة كي أسألها فأجابت بأنها لا تنتبه أبدا للمارة,فهي مشغولة بأمر حفلة ما ذكرت بأنها تحضر لها, لم أنتظر عندها طويلاً, تركتها وعدت الى المنزل, فتحت الظرف الثاني لأجد نفس الرسالة الفارغة من كل شيئ الا توقيع لا أفهمه في آخرها, حينها أدركت أن المرسل يعلم بأني وحدي بالمنزل, وتوقعت أنه يعرفني ويعرف عن غياب أهلي وسفرهم المفاجئ ويريد بعضا من التسلية, هممت لأضع الرسالة بجوار سابقتها لكني لم أجد الأولى, نظرت أسفل الطاولة ولم أجد شيئاَ فأخذت الثانية معي الى غرفتي ووضعتها على السرير, ثم دق جرس الباب مره ثالثة فنظرت الى الساعة فإذا بها قد مرت ساعة, هرولت الى الباب وفتحته بسرعة لكن لاشيئ سوى الظرف الذي فتحته لأجد نفس التوقيع لا أكثر, لكنه أكبر من سابقيه في الحجم , وكان عبارة عن حرفين R بلإنجليزبه متعامدين , أخذت الرسالة لأقارنها مع سابقتها لكني لم أجد الثانية, بحثت على السرير وأسفل السرير و لم أجدها أيضا , فوضعت الثالثة في جيبي, وجعلت أتفقدها كل دقيقة وأنا في انتظار مرور الساعة وأعددت نفسي لرؤية المرسل وفضح أمره,
قبيل إنتهاء الساعة بعشر دقائق توقفت عند النافذة المجاورة للباب في إنتظار المرسل المجهول وأنا أحمل الرسالة في يدي,لكن بعد مرور خمس دقائق بدأ جرس الهاتف يرن , لم أكن في انتظاره أبدا فتركته يرن الى أن أجاب المجيب الآلي وما أن انتهى المجيب الآلي حتى بدأ المتصل يتحدث بصوت متقطع وكأن إعصارا ما من حوله أوأنه في مكان بعيدِ نائي, لا اشارة واضحه فيه, تلقائيا وجدتني أقترب من الهاتف لعلي أفهم مايقوله ذلك المتصل, لكن ما ان رفعت السماعة حتى إنقطع الإتصال ودق جرس الباب, ألقيت الرسالة على الارض دون وعي مني وجريت الى الباب, لكن لاشيئ سوى رسالة جديدة ملقاه على الأرض, نظرت من حولي أتفقد القديمة التي كانت بين يدي, بحثت عند النافذة ولم أجدها, فعدت الى الهاتف ووجدتها مغلقة داخل الظرف تحت الهاتف,أخذتها وتوجهت الى الباب كي أقارنها مع الرسالة الجديدة لكن لا رسالة جديدة, وكأن من وضعها قد أخذها وذهب, حينها بدأت أشعر بالخوف, خوف ممزوج بغضب شديد, يكاد ينفجر بداخلي , وضعت الرسالة في جيبي و مررت على كل النوافذ والمداخل ,أحكمت غلقها وعدت الى غرفتي ودراستي وعيناي لاتبرحان الساعة,قبيل مرور الساعة بعشر دقائق أيضاً قفزت من مكاني وإنتظرت في الخارج ويدي في جيبي تمسك بالرسالة,وقد عقدت العزم على الاأترك مكاني الا بعد معرفة المرسل, انتظرت قرابة النصف ساعة لكن لم يظهر أحد, بعدها لمحت شيئا ما يتحرك من بين الأشجار,بسرعة جريت نحوه وأنا أردد من هنــــــــــاك؟! لكن لم يجبني أحد,بحثت ولم أجد شيئا, كان النهار قد أنقضى وبدأ الظلام يعم المكان,
عدت الى المنزل وأغلقت الباب من خلفي, ومن ثم توجهة الى غرفتي وفبل أن أخطو خطوة واحدة فيها إنقطع التيار الكهربائي وإمتلأ المكان بالعتمة,شغلت هاتفي النقال وإستخدمته ليضيئ لي الطريق نحو القبو كي أشعل المولد,أشعلته وأعدت الضوء الى المنزل لكني ما أن إلتفت حتى وجدت المئات من الأظرف البيضاء المتراصة فوق بعضها البعض في أحدى الزوايا,وبعضها متناثر على الأرض, حملت إحداها وفتحتها وكانت كما توقعت فارغة من كل شيئ سوى ذلك التوقيع في آخرها,فتحتت الثانية والثالثة وجعلت أتنقل من واحدة الى أخرى, أفتح الظرف وألقي بالورقة على الأرض, حتى تعبت وأصابني الذعر فجميعها متشابة,عدت بظهري للخلف وإتكأت على أحد الأعمدة الخشبية التي تملأ القبو أتنفس بعمق وأحاول تهدأة نفسي, لكن صوت الأواني المتساقطة من الأعلى أفزعني, جريت بسرعة نحو المطبخ فوجدت الأواني على الأرض ولا أحد هناك,علمت أن هناك أحد ما معي في المنزل, بسرعة توجهة نحو الهاتف لطلب النجدة لكن الهاتف كان معطلا لا حرارة فيه, لم أستغرب كثيرا فإن كان هناك دخيل بالمنزل عليه أولا قطع خط الهاتف لم أبحث طويلا
تذكرت أن هاتفي النقال قد تركته في القبو وبمجرد إبتعادي عنه بدأ جرس الهاتف يرن, أفزعني الرنين فغيرت مساري وتوجهة مسرعتا الى غرفتي أغلقت الباب بحثت عن المفاتيح لأحكم غلقة لكني لم أجد مفاتيحي فجلست على السرير, ومكثت تحت غطائي, أحاول كتم أنفاسي المتصاعدة, ووضعت يدي تحت الوسادة لأقربها فوجدت ظرفا بين يدي,أزحت الغطاء وألقيت الوسادة بعيدا, ترددت قليلا ثم فتحت الظرف كانت ورقة تحمل نفس التوقيع لكن هذه المرة كتب عليها " شكرا لتركك الباب مفتوحاً" ألقيت الرسالة ووجدت دموعي تنهال بشدة وأنا أجري نحو باب المنزل, حاولت فتحه لكنه كان محكم الإغلاق لم أستطع الخروج منه,ومن ثم سمعت صوت قرع أقدام من الأعلى من العليه,توجهة نحو المطبخ لأخذ سكينا أدافع به عن نفسي, لكني لم أجد أي أداة حادة جميعها قد أزيلت توجهت نحو الهاتف وكان معطلا أيضا فتفحصته وكان مقطوعا هذه المرة, فكرت في استغلال تأكدي من وجودة في العلية بأن أنزل الى القبو حيث هاتفي النقال, لكن القبو كان مغلقاَ وبإحكام,بهدوء حاولت العودة الى غرفتي لعلي أجد شيئا ما يمكنني حماية نفسي به, ووصلت الى الباب بسلام لكن فوجئت به مغلقا لم أستطع الدخول كذلك كانت باقي الغرف في المنزل,
إتكأت بظهري على باب غرفة والدي المغلقة وجعلت أخذ أنفاسي بعمق وبلا صوت وأحاول تهدءة نفسي أحاول مسح دمعي كي أستطيع التفكير لوهله, قاطعني صوت التلفاز الذي إشتعلت في غرفة المعيشة فجأه,توجهت نحو الصوت وأنا ألصق نفسي بالحائط وكأنه سيحميني, لكني لم ألحظ وجود اي أحد على الاطلاق, ثم فاجأني صوت جاء من خلفي تبين لي بعدها أنها كرة سقطت من العلية على الدرج, لم أجد أمامي مكانا سوى الحمام لأحتمي فيه الذي كان غارقا بمياهه, أغلقت الباب من خلفي ثم بدأت في إغلاق صنابير المياه المفتوحه وجلست أنتظر قدري,
لم تمر الدقيقة حتى بدأت أسمع أصوات القرع الخفيفة والكثيفه على الباب تتوقف ومن ثم تعود من آن لآخر, تذكرت حينها أن أبي يحتفظ ببندقية للصيد في العلية, فإنتظرت حتى توقف القرع وفتحت الباب كان الرواق خاليا خرجت وتوجهت مسرعتا الى العلية, دخلتها وأخذت البندقية ثم نزلت أبحث عن الدخيل,لكن لفت إنتباهي باب غرفتي المفتوح والضوء المشتعل بداخلها, دخلتها بحرص ولم أجد أحد فقط وجدت ظرفا جديدا ملقا على الأرض,أخذته وهممت أن أفتحه لولا سماعي لصوت أقدام صاعدة على الدرج, أعددت بندقيتي ووضعت الرسالة في جيبي ومن ثم تتبعت الصوت
وعلى الدرج بين العلية والطابق الأرضي رأيت شيئا ما يتحرك من أمامي لم أميزه في العلية فهممت أن أكمل طريقي لولا شيئا آخر في الأسفل خطف ناظري اليه لا أعرف كيف كنت أفكر حينها لكني أدركت أنه ليس واحدا بل أكثر لم أعرف أصعد أم أنزل توقفت في مكاني ويداي على الزناد,وما إن تحرك أحدهما حتى أصبته, لم أدرك أأصبت الذي في الأعلى أم الذي في الأسفل من شدة إرتباكي, الى أن خرج الذي في الأعلى وهو يصرخ "رامي.. رامي..لقد قتلتي رامي" صعقت عندما رأيت وجهه, وسقطت مني بندقتي على الأرض, وقد كان ريان إبن جارتي طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره ورامي هو توأمه,نزل اليه وجعل يحركه فلم يتحرك ففتح باب المنزل وتوجه الى أمه يصرخ ويبكي والتي جاءت ومعها ضيفاتها ليكملن ما بدأه ريان وأنا بقيت على الدرج بين العلية والطابق الأرضي الى أن وصلت الى هنــــــــــــا حضرة القاضي,الى هذه اللحظة, وها أنا أعترف بفعلتي لكني لاأعرف إن كنت قد أذنبت حقا أم لا.
المدعي العام: توأمان لم يتجاوزا العاشرة من عمرهما فعلا بك كل ذلك آنستي,وتريدنني أن أصدق؟
سارة:تلك هي الحقيقة سيدي.
المدعي العام: حسناً قلتي في روايتك تلك أنك قد وجدتي رسالة ,الرسالة الأخيرة التي لم تفتحيها..أرجو أنك قد فتحتها.. وأرجو أن تخبرينا ماذا كتب فيها؟
سارة: نعم فتحتها عندما وصلت الى قسم الشرطة.. وكانت "أيتها الجبانة سارة..هذا جزائك لعدم سماحك لنا باللعب في حديقة منزلكم..." " رامي وريان ثم التوقيع الوارد في كل رسالة"
المحامي: لقد سلمت تلك الرسالة اليك حضرة القاضي مع أوراق الدفاع.
المدعي العام: إنتهت أسئلتي.سيدي القضي
القاضي : رفعت الجلسة والحكم بعد المداولة..
[center]